عرض المقال :بشارات العهد القديم بمحمد صلى الله عليه وسلم ج 2
  الصفحة الرئيسية » مـقـالات الموقـــع » الرد على شبهات حول الإسلام » الرد على الشبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

اسم المقال : بشارات العهد القديم بمحمد صلى الله عليه وسلم ج 2
كاتب المقال: webmaster2

تابع للجزء الأول:

البشارة الخامسة عشرة
: قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين: (هكذا يقول الرب: ها أنا رافع يدي على الأمم، وناصب لهم آية، وهي أن الناس يأتونك بأبنائك على أيديهم، ويحملون بناتك على أكتافهم وتكون الملوك ظؤوتك، وعقائل نسائهم مرضعاتك، ويخرون على وجوههم سجداً على الأرض، ويلحسون تراب أقدامك، وتعلمين حينئذ أني أنا الرب الذي لا يخزي الراجون لي لدى). وفي هذا النص تقرير لخضوع الأمم لهذه الأمة الإسلامية، فيكون أبناؤها وبناتها خدماً لأبناء الأمة الإسلامية، وتكون نساؤهم مرضعات لأطفال المسلمين، وقد حدث ذلك نتيجة الفتوحات الإسلامية التي أثمرت عن انتشار الرقيق من سبايا الكفار، كما أن في قوله: (ويلحسون تراب أقدامك). تصوير لحال الصغار والذل الذي يلازم دافع الجزية كما في قوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون). وقد وافق إشعياء داود في هذه النبوة، ولم لا، والمصدر واحد، والموضوع واحد، والوصف واحد، وهو قوله: (ويلحسون تراب أقدامك).

 



البشارة السادسة عشر: قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين: (من الذي أقبل من أدوم؟ وثيابه أشد حمرة من البسر، وأراه بهياً في حلله ولباسه، عزيزاً لكثرة خيله وأجناده، وإني أنا الناطق بالحق والمخلص للأقوام، وإن لدينا ليوم الفتنة نكلاً، ولقد اقتربت ساعة النجاة، وحانت ساعة تخليصي، لأني نظرت فلم أجد من يعينني، وتعجبت إذ ليس من ينيب إلى رأيي، فخلصني عند ذلك ذراعي، وثبت بالغضب قدمي، ودست الأمم برجزي، وأشقيت حدودهم بغيظي واحتدامي، ودفنت عزهم تحت الأرض). تورد هذه النبوة بعضاً من صفاته صلى الله عليه وسلم في هيبته وجلاله، وطرفاً من ذكر بهائه، وإشارة إلى كثرة خيله وأجناده، وأن بمقدمه تتخلص الأقوام من قيد العبودية لغير الله، وتقترب ساعة نجاتها، كما تضمنت هذه النبوة صفة البشرية قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ، وأنها لا تسمع لكلام الله، ولا تنصر المؤمنين به، فاستحقت بذلك غضب الله ومقته، فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم عقاباً لأمم الكفر، إذ ناصبهم العداوة، وشهر السيف في وجوههم، وأرغمهم على الإذعان له، ودفن مجد الكافرين تحت الأرض.

 



وقد يقول قائل: إن هذه البشارة ذكرت أنه أقبل من أدوم. ومحمد صلى الله عليه وسلم كان في أرض الحجاز، فلا تنطبق عليه هذه النبوة. والجواب على ذلك: أن الصفات الواردة في بقية النبوة لا تنطبق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، أما قوله: أقبل من "أدوم" فمن المعلوم أن المتحدث في هذه البشارة هو أحد أنبياء بني إسرائيل المقيمين في أرضها، و"أدوم" إقليم يقع بين الحجاز وفلسطين، إذ القادم من الحجاز إلى فلسطين لا بد أن يعبر من خلال "أدوم"، ويجب أن لا نغفل أن المتحدث – وهو إشعياء – يتحدث عن أمر غيبي مستقبلي فلا يمكن إذاً أن يقول: من الذي أقبل من الحجاز. لأنه سيقال له: أين منا الحجاز ؟؟. ولكنه يتحدث عن هذا النبي القادم بيقين لا شك فيه، حتى لكأنه يراه في أطراف أرض إسرائيل فيقول لهم: من هذا الذي أقبل من أدوم؟؟ وهو علىيقين منه، لأنه ذكر صفاته، ولكنه طرح الخبر بصيغة التساؤل حتى تستشرف النفوس، وتهفو الأرواح للقائه.

 



البشارة السابعة عشر: قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين عن الله عز وجل أنه قال مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: (إني جعلت اسمك محمداً، فانظر من محالك ومساكنك يا محمد، يا قدوس، .. واسمك موجود منذ الأبد) فذكر اسمه مرتين في هذه النبوة، وهذه مماثلة لما ورد في نبوة داود عليه السلام عنه في المزامير من قول داود: (في جبله قدوس ومحمد). فليس وراء هذا مجل لمدعٍ أن يتمحل أو يجادل.

 



وقال الطبري: (إن القدوس في اللغة السريانية: الرجل البر الطاهر ... فإن غالط مغالط فقال: (يا محمد يا قدوس)، إنما يقع على المساكن التي ذكرها. فإن الكتاب السرياني يكذبه، لأنه لو أراد بذلك المساكن لقال: يا قدوسين ومحمدين. ولم يقل قدوساً ومحمداً.

 



البشارة الثامنة عشر: قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين: (اعبروا اعبروا الباب، وردوا الطريق على الأمة، وسهلوا السبيل وذللوها، ونحوا الحجارة عن سبيلها، وارفعوا للأمة علماً ومناراً، فإن الرب أسمع نداءه من في أقطار الأرض، فقل لابنه صهيون إنه قد قرب مجيء من يخلصك، وأجره معه، وعمله قدامه، ويسمون شعباً طاهراً، يخلصهم الرب، وتسمين أنت أيتها القرية التي أدال الله لها من أعدائها ولم يخذلها ربها) وهذه البشارة شاهدة ومؤكدة للبشارة السابقة لإشعياء التي سبق إبرادها تحت مسمى البشارة التاسعة.

 



ويماثل قول إشعياء أسمع نداءه من في أقطار الأرض. قوله صلى الله عليه وسلم عن هذا الدين: (لا يبقي على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام، بعز عزيز، أو بذل ذليل: إما يعزه الله فيجعلهم من أهلها، أو يذلهم الله فيدينون لها.

 



أما قوله: فقل لابنة صهيون إنه قد قرب مجيء من يخلصك. فهو شاهد على أن هذا المخلص هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه ذكر شيئا من صفاته، وهو أن أجره معه فهو لا يبتغي على رسالته أجراً من أحد سوى الله، كما أنه لا يعمل لدنياه بل يعمل لآخرته فعمله أمامه، ولم تتخلص ابنة صهيون – ولعل ذلك تعبير عن بيت المقدس – من ربقة السيطرة اليهودية، وضلال الوثنية النصرانية إلا على يد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهو الذي ألبسها حلة الإيمان، وكساها رونق التوحيد، وكشف عنها ستار الجهالة. ويؤكد اختصاص هذه الأمة بهذه البشارة قوله: (ويسمون شعبا طاهراً ... وتسمين أيتها القرية التي أدال الله لها من أعدائها). فذكر حالهم وهو الطهارة، ولعنايتهم به جعله اسماً لهم، وهذا موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء). وأشار إلى موطنهم وهو مكة، فهي القرية وهي أم القرى.

 



البشارة التاسعة عشر: قول إشعياء في الفصل السادس والعشرون مخاطباً هاجر عليها السلام: (سبحي أيتها النزور الرقوب، واغتبطي بالحمد أيتها العاقر، فقد زاد ولد الفارغة المجفية على ولد المشغولة الحظية. وقال لها الرب أوسعي مواضع خيامك، ومدي ستور مضاريك، لأنك لا تنفسي ولا تضني، بل طوّلي أطنابك، واستوثقي من أوتادك، من أجل أنك تتبسطين وتنتشرين في الأرض يميناً وشمالاً، وترث ذريتك الأمم، ويسكنون القرى المعطلة اليبات). فذكر حال هاجر عليها السلام. وبشر هاجر بهذه الآمال العظيمة التي تستحق الحمد والشكر والاغتباط، وما ينتظر ذريتها من التوسع والسيطرة والغلبة على سائر الأمم، وبمقارنة هذا الوعد الذي وعد به إشعياء هاجر عليها السلام – مع الفتوحات التي تحققت للأمة الإسلامية على أيدي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أنه قد تحقق فعلاً، وليس بعد شهادة الواقع وتصديقه لهذه النبوة مجال لمجادل أن يجادل أو يغالط فيدعي أن هذه البشارة لا تصدق هنا، وأنها دالة على قوم آخرين .. ويكفي في هذه النبوة حجة ودليلاً أنه نص على أن أبناء المجفية قد زادوا على أبناء المشغولة الحظية، ومن المجفية إلا هاجر؟ ومن الحظية إلا سارة؟. ولم تحصل هذه الزيادة، ولم تتحقق هذه الغلبة إلا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.

 



البشارة العشرون: قال إشعياء في الفصل الثامن والعشرين مخاطباً هاجر عليها السلام: (أيتها المنغمسة المتغلغلة في الهموم التي لم تنل حظوة ولا سلوا، إن جاعل حجرك بلوراً .. ويعرفني هنالك جميع ولدك ولا ينكرونني، وأعلم أبناءك بالسلم، وتكونين مزينة بالصلاح والبر، فتنحي عن الأذى والمكارة، لأنك آمنة منها، فانحرفي عن الانكسار والانخذال فلن يقرباك، ومن انبعث من بين يدي فإليك يكون وفيك حلوله، وتصيرين وزراً وملجأً لقاطنيك وساكانك). قال الطبري: (فأي شهادة أعظم من شهادة الله لهم أنهم جميعاً يعرفونه ولا يجهلونه؟ وأنه صيّر بلدهم وزراً وملجأً للناس، أي حرماً آمناً).

 



البشارة الواحد والعشرون: قول إشعياء في الفصل الثامن والعشرين: (يا معشر العطاش توجهوا إلى الماء والورود، ومن ليس له فضة فليذهب ويمتار ويستسقي ويأكل من الخمر واللبن بلا فضة ولا ثمن). قال المهتدي الطبري: (فهذا من نبوة إشعياء دال على ما أنعم الله به على ولد هاجر من أمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى أنهم صائرون إلى ما وعدهم الله تعالى في الآخرة من أنهار من خمر، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين. فانظروا إلى هذه المشاكلة والموافقة التي بين النبوتين جميعاً). وهذا إشارة منه إلى قوله تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم).

 



البشارة الثانية والعشرون: قول إشعياء في الفصل الثامن والعشرين: (إني أقمتك شاهداً للشعوب، ومدبراً وسلطاناً للأمم، لتدعو الأمم الذين لم تعرفهم، وتأتيك الأمم الذين لم يعرفوك هرولة وشداً، من أجل الرب إلهك قدوس إسرائيل الذي أحمدك، فاطلبوا ما عند الرب، فإذا عرفتموه فاستجيبوا له، وإذا قرب منكم فليرجع عن خطيئته، والفاجر عن سبيله، وليرجع إليّ لأرحمه، ولينب إلى إلهنا الذي عمّت رحمته وفضله) قال الطبري: (فقد سمي النبي صلى الله عليه وسلم باسمه، وقال: إن الله جعلك محمداً. فإن آثر المخالف أن يقول: ليس بمحمد، بل محمود وافقناه فيه، لأن معناهما واحد).

 



أما قوله: (أقمتك شاهداً للشعوب). فهو مماثل لقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) وقوله عز وجل: (ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس). وقوله عز من قائل: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً).

 



أما قوله: سلطاناً للأمم. فيحتمل أن يكون المراد منه المعنى المتبادر للذهن وهو السيادة والقيادة، وقد تحققت له هذه على الأمم في حياته وحياة أصحابه. ويحتمل أن يكون المراد منه أنه سلطان بمعنى حجة على الأمم، لأن السلطان في لغة التنزيل تأتي بمعنى حجة.

 



وأما قوله: (لتدعو الأمم الذين لم تعرفهم). فقد تحقق ذلك بإرساله صلى الله عليه وسلم الرسل والكتب إلى الملوك كهرقل وكسرى والمقوقس وغيرهم ممن لا يعرفهم كما هو مشهور في كتب السنة والسيرة.

 



وأما قوله: تأتيك الأمم الذين لم يعرفوك هرولة وشداً. فمصداق ذلك في انضواء الأمم التي لم تكن تعرفه من قبل، والتي لا تعد ولا تحصى تحت لوائه، والإذعان لأمره. كما أن هذه البشارة لا تنطبق على الأنبياء قبله، لأنهم دعوا أقوامهم وهم يعرفونهم، واستجابت لهم الأمم التي تعرفهم، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد دعا من لم يعرفه، واستجاب له من لا يعرفه.

 



وبقية النص تتعلق بالرحمة والمغفرة والتوبة، وهي معان ظاهرة في شريعته، أظهر من الشمس في رائعة النهار، ولا يمكن أن تكون هذه البشارة دالة على اليهودية أو على النصرانية لما يأتي.

 



1. أن اليهودية تعتقد أنها دين خاص ببني إسرائيل، وهذه البشارة قد تضمنت أنه يدعو الأمم ، وتأتيه الأمم، وهذا يناقض اعتقادها.

 



2. أن هذا النص تضمن أن صاحب هذه الرسالة يبشر بالتوبة والمغفرة والرحمة، وهذا يخالف اعتقاد اليهود والنصارى: فاليهود تعتقد أن من حق الكاهن المغفرة ومحو الخطايا كما أن النصرانية تعتقد أن البشرية كانت مثقلة بالخطيئة الموروثة التي رفعت عنهم بعد صلب المسيح – كما زعموا – ثم غفلت النصرانية عن كونها محت الخطيئة الموروثة فمنحت رجال الدين حق مغفرة الخطايا.

 



3. المسيحية ديانة خاصة ببني إسرائيل، لأن المسيح عليه السلام أرسل إلى بني إسرائيل حيث يقول لتلاميذه: (إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة).

 



البشارة الثالثة والعشرون: قول إشعياء في الفصل الثامن والعشرين عن الله سبحانه وتعالى أنه قال: (إني أقسمت بنفسي وأخرجت من فمي كلمة الحق التي لا خلف لها ولا تبديل، وإنه تخرّ لي كل ركبة، ويقسم بي كل لسان، ويقولون معا: إن النعمة من عند الرب). قال المهتدي الطبري: (فمن هذه الأمة التي تقسم باسم الله؟ ومن ذا الذي يخر على الركب لاسم الفرد الواحد، ويحدث بنعم الله صباحاً ومساء، ويفرده بالدعاء والابتهال غير هذه الأمة ؟ فأما جماعة النصارى فإنهم ينسبون النعم إلى المسيح).

 



البشارة الرابعة والعشرون: قال إشعياء في الفصل الثامن والعشرين: (إن الله نظر ولم ير عدلاً، وأنكر ذلك، ورأى أنه ليس أحد يعين على الحق، فعجب الرب منه، وبعث وليه فأنقذه بذراعه، ومهد له بفضله، فاستلأم العفاف كالدرع، ووضع على رأسه سنور الإعانة والفلح، ولبس لباس الخلاص، لينتقم من المبغضين له والمعادين، ويجازي أهل الجزائر جزاءهم أجمعين، ليتقي اسم الله في مغارب الأرض، وليخشع في مشارقها لجلاله) وفي هذه النبوة تصوير لواقع البشرية قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام، كما أن فيها إشارة إلى اختيار الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ووصفاً لجهاده صلى الله عليه وسلم الكافرين والمعاندين، وبياناً للنتيجة التي تحققت على يديه وهي: دخول الأمم في دين الله أفواجاً، حتى شمل ذلك المشرق والمغرب.

 



البشارة الخامسة والعشرون: قول إشعياء مخاطباً هاجر عليها السلام وبلادها وهي مكة: (قومي وأزهري مصباحك فقد دنا وقتك، وكرامة الله طالعة عليك، فقد تخللت الأرض الظلام، وغطي على الأمم الضباب، فالرب يشرق عليك إشراقاً، وتظهر كرامته عليك، وتسير الأمم إلى نورك، والملوك إلى ضوء طلوعك، ارفعي بصرك إلى ما حولك وتأملي، فإنهم سيجتمعون كلهم إليك ويحجونك، ويأتيك ولدك من بلد بعيد، وتحج إليك عساكر الأمم حتى تعمرك الإبل المربلة، وتضيق أرضك عن القطرات التي تجتمع إليك، ويساق إليك كباش مدين وكباش أعفا، وتأتيك أهل سبأ ويتحدثون بنعم الله ويمجدونه، وتسير إليك أغنام قيدار كلها، وتخدمك رخلات نبايوت، ويرفع إلى مذبحي ما يرضيني، وأحدث حينئذ لبيت محمدتي حمداً). فذكر هاجر وذكر البلد، وصرح بالحج وما يصاحبه من توافد الأمم، وسوق الهدي، كما صرح بأسماء بعض هذه الأمم الوافدة إلى الحج كأهل سبأ ومدين وغيرهما. أما قوله: (قيدار ونبايوت). فقال الطبري: هما من أولاد إسماعيل عليه السلام.

 



البشارة السادسة والعشرون: قال إشعياء في الفصل الثامن والعشرين: (سيترجاني أهل الجزائر، ومن في سفن تارسيس كما فعلوا من قبل، ويوردون عليك أبناءك من بلد بعيد ومعهم فضتهم وذهبهم، من أجل اسم الرب إلهك قدوس إسرائيل الذي أحمدك وأكرمك، ويبني أبناء الغرباء سورك، وملوكهم يخدمونك، وتفتح أبوابك في كل وقت وأوان من آناء الليل والنهار فلا تغلق، ويدخل إليك أرسال الأمم، ويقاد إليك ملوكهم أسرى، لأن كل أمة ومملكة لا تخضع لك تتبدد ستورها، وتصطلم الشعوب بالسيف اصطلاماً، وتأتيك الكرامة من صنوبر لبنان البهي، ومن أبهلها ليبخر به بيتي، ويعظم به موضع قدمي ومستقر كرامتي، وتأتيك أبناء القوم الذين كانوا يذلونك، ويقبل آثار أقدامك جميع من كان يؤذيك ويضطهدك، وأجعلك كرامة إلى الأبد، وغبطة وفرحاً إلى دهر الداهرين، وسترضعين ألبان الشعوب، وستصيبين من غنائم الملوك، وتتمززين من غاراتك عليهم ... وأجعل السالمة مدبرك، والصلاح والبر سلطانك، ويكون الرب نورك ومصباحك إلى الأبد). فلم تتحقق هذه الصفات مجتمعة إلا لهذه الأمة الإسلامية، فتغلبت على الأمم، وقادت ملوكهم أسرى، وتبدد من أمامها الأمم التي لم تذعن لها. وكتب الله لها الغلبة والظهور إلى قيام الساعة وهو ما أشار إليه أشعياء في قوله: إلى دهر الداهرين .. إلى الأبد. وهو مماثل لقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض). وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال ناس من أمتي ظاهرين، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون).

البشارة السابعة والعشرون: قال إشعياء في الإصحاح الثاني والأربعين: (إن عبدي المجتبى عندي، ابن حبيبي اخترته وأرسلته إلى الأمم بأحكام صادقة).

 



وقد أورد المهتدي الترجمان وغيره هذا النص بصورة أطول، واشتمل على صفات هي ألصق بمحمد صلى الله عليه وسلم من غيره وهو قوله: (إن الرب سبحانه وتعالى سيبعث في آخر الزمان عبده الذي اصطفاه لنفسه، ويبعث له الروح الأمين، يعلمه دينه، ويعلم الناس ما علمه الروح الأمين، ويحكم بين الناس بالحق، ويمشي بينهم بالعدل، وما يقول للناس هو نور يخرجهم من الظلمات التي كانوا فيها، وعليها رقود، وقد عرّفتكم ما عرفني الرب سبحانه قبل أن يكون). فمحمد صلى الله عليه وسلم هو المبعوث في آخر الزمان، وهو الذي نزل عليه الروح الأمين، وهو الذي حكم بين الناس بالعدل وأخرجهم من الظلمات إلى النور.

 



البشارة الثامنة والعشرون: قول إشعياء في الإصحاح الثاني والأربعين: (لترفع البرية ومدنها صوتها، والديار التي سكنها قيدار، ولتترنم سالع من رؤوس الجبال، ليهتفوا ليعطوا مجداً، ويخبروا بتسبيحه في الجزائر الرب كالجبار، يخرج كرجل حروب ينهض غيرته، يهتف ويصرخ على أعدائه). تضمن هذا النص الإشارة إلى مساكن العرب وهم ذرية قيدار أحد أبناء إسماعيل عليه السلام، والتصريح بذكر جبال المدينة المنورة وهو سالع، إذاً فلا تقبل هذه البشارة أن تنطبق على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 



وقبل الانتقال إلى نبوات إرميا لا بد لي من الإشارة على أن النبوات التي أوردها إشعياء تكاد أن تأخذ طابعاً معيناً وهو: المباشرة في الطرح والتصريح بذكر الأسماء كمحمد صلى الله عليه وسلم ، وإسماعيل، ومكة والعرب، أو الإشارة إلى صفته وصفات أمته وأصحابه كذكر الدروع والسيوف والجهاد .. كما مر سابقاً.

 



سادساً: بشارات إرميا:

 



البشارة الأولى: خاطب الله بها النبي صلى الله عليه وسلم على لسان إرميا في الفصل الأول فقال: (من قبل أن أصورك في الرحم عرفتك، ومن قبل أن تخرج من البطن قدستك، وجعلتك نبياً للأمم، لأنك بكل ما آمرك تصدع، وإلى كل من أرسلك تتوجه، فأنا معك لخلاصك، يقول الرب: وأفرغت كلامي في فمك إفراغاً، فتأمل وانظر، فقد سلطتك اليوم على الأمم والمملكات، لتنسف وتهدم وتتبر وتسحق، وتغرس من رأيت) قال المهتدي الطبري عن هذه البشارة: (هي شبيهة بنبوات إشعياء وغيره) وهو يقصد قول إشعياء: (إن الرب أهاب بي من بعيد، وذكر اسمي وأنا في الرحم، وجعل لساني كالسيف الصارم) وهذه هي البشارة الرابعة عشرة من بشارات إشعياء حسب ترتيب هذا البحث.

 



ويتفق أول هذه البشارة مع قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بالحق مصدقاً لما معهم بدليل قوله تعالى عنه: (بل جاء بالحق وصدّق المرسلين) وقوله تعالى: (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه).

 



أما قول إرميا: (لأنك بكل ما أمرك تصدع). فيصدقه قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين). ويشهد لقوله: (وأفرغت كلامي في فمك). قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى). وبقية النص متوافق مع البشارات التي تحدثت عن جهاده صلى الله عليه وسلم.

 



البشارة الثانية: قال إرميا في الفصل التاسع عشر مخبراً عن الله عز وجل أنه قال: (إني جاعل بعد تلك الأيام شريعتي في أفواههم، وأكتبها في قلوبهم، فأكون لهم إلها، ويكونون لي شعبا، ولا يحتاج الرجل أن يعلم أخاه وقريبه الدين والملة، ولا إلى أن يقول له أعرف الرب، لأن جميعهم يعرفونه صغارهم وكبارهم، وأنا أغفر لذلك ذنوبهم، ولا أذكرهم بخطاياهم). قال المهتدي الطبري معلقاً على هذه النبوة: (وقد صدق وعد الله، وازدرع حبه في قلوب هذه الأمة صغارها وكبارها، وأنطق ألسنتهم بشرائعه وتحاميده، وكل عارف بالله مؤمن به). واقرأ قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)، وقوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). وقوله عز من قائل (والذين آمنوا أشد حبا لله)، وقوله عز وجل: (يحبهم ويحبونه) وتأمل ما وصف الله به هذه الأمة في هذه النصوص من صفات خيّرة مباركة، فستجد أنها مماثلة لما وصفها الله به على لسان إرميا.

 



البشارة الثالثة: قول إرميا في الإصحاح الثامن والعشرين: (النبي الذي تنبأ بالسلام، فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي أن الله أرسله حقاً). هذه النبوة أوردها المهتدي عبد الأحد داود بالمعنى، ويرى أنها بمعنى: (إن النبي الذي تدور نبوءاته حول الإسلام "شالوم" عند ورود كلمة النبي، ذلك النبي المعروف أنه المرسل من قبل الله الحق) وبعد دراسته للنص السابق خرج منه بالنتائج التالية:

 



1. أنه لا يمكن أن يكون النبي صادقاً إلا إذا بشر بدين الإسلام ونشره، (إن الدين عند الله الإسلام).

 



2. من الحقائق المسلّم بها أن كلمة "شالوم" العبرية و "سلام" السريانية و "إسلام" العربية كلها من نفس الجذر السامي "شلام" وتحمل نفس المعنى، وهذا أمر يعترف به جميع علماء اللغات السامية، وفعل "شلام" يدل على الخضوع أو الاستسلام، ولا يوجد نظام ديني في العالم يحمل اسماً أو وصفاً أفضل وأشمل من الإسلام. فالدين الحق لله الحق.

 



3. أن إرميا هو النبي الوحيد قبل المسيح عليه السلام الذي استخدم كلمة "شالوم" بمعنى الدين، وهو النبي الوحيد الذي يستخدم هذه الكلمة بهدف إثبات صدق أحد من رسل الله. أي أن إرميا هو الوحيد قبل المسيح الذي جعل الإسلام هو المقياس الذي يعرف من خلاله النبي الصادق من الكاذب، وإلا فإن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وكافة الرسل عليهم السلام كانوا مسلمين، واتخذوا الإسلام ديناً.

 



4. أن دين الإسلام – أي الإسلام – هو وحده القادر على تحديد الخصائص المميزة للنبي الصادق من النبي الكاذب، كما أنه لا يوجد في العالم دين يتبنى ويدافع عن هذه الوحدانية المطلقة سوى الإسلام.

 



البشارة الرابعة: قال إرميا في الفصل الثاني والثلاثين مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم: (اعدوا لي آلات الحرب، فإني أبدد بك الشعوب، وأبدد بك الخيل وفرسانها وأبدد بك الطغاة والولاة، وأجازي بابل، وجميع سكان بلاد الكلدانيين بجميع أوزارهم التي ارتكبوها. هذا قول الرب). وبمقارنة النهاية التي آلت إليها الإمبراطورية الفارسية على أيدي المسلمين بما ورد في هذه النبوة، نجد أن هذا الوعد لهذه الأمة الإسلامية، وذلك الوعيد المتوعد به الأمة الفارسية قد تحقق فعلا، وأقامه الله شاهداً من شواهد التاريخ مصدقاً لما وعد الله به المؤمنين على ألسنة رسله وأوليائه.

 



سابعاً: بشارة حزقيال:

 



قال حزقيال في الفصل التاسع: (إن أمّك مغروسة على الماء بدمك، فهي كالكرمة التي أخرجت ثمارها وأغصانها من مياه كثيرة، وتفرعت منها أغصان كالعصى قوية مشرفة على أغصان الأكابر والسادات، وارتفعت وبسقت أفنانهن على غيرهن، وحسنت أقدارهن بارتفاعهن والتفاف سعفهن، فلم تلبث الكرمة أن قلعت بالسخط، ورمى بها على الأرض، وأحرقت السمائم ثمارها، وتفرق قواها، ويبس عصي عزها، وأتت عليها النار فأكلتها، فعند ذلك غرس في البدو وفي الأرض المهملة العطشى، وخرجت من أغصانه الفاضلة نار أكلت ثمار تلك حتى لم يوجد فيها عصا قوية بعدها ولا قضيب ينهض بأمر السلطان). فتأمل ما في هذا النص من بلاغة في التصوير، ودقة في التعبير، فشبه الأمة اليهودية إبان عزها وسؤددها – لما كانت تعيش تحت مظلة الأنبياء – بالكرمة الحسنة، وبعد أن نزعت منها النبوة، وأغضبت ربها استأصل شأفتها، واقتلع جذورها، فذرتها الرياح، وأكلتها النار، وانتهى مجدها. واستبدل الله بها أمة هي خير أمة أخرجت للناس، وشبهها بشجرة قد غرست في أرض البادية العطشى من الماء المعنوي والحسي، فأثمرت هذه الشجرة الأغصان الفاضلة التي قضت على تلك الشجرة الأولى ولم تبق فيها عصا ولا قضيباً. وهذا حال الأمة اليهودية والأمة الإسلامية التي أشرق عزها، وتوسع نفوذها، حتى شمل بلاد بني إسرائيل وغيرها.

 



البشارة الأولى: قال دانيال في الإصحاح السابع: (إن ملكوت الله وعظمة المملكة الممتدة تحت رقعة السماء كلها سوف تعطي لعباد الله تعالى وأوليائه. وسيكون ملكوتهم هذا مملكة أبدية، تخدمها جميع الممالك الأخرى، وتعمل بطاعتها) إن هذه البشارة لتدل بوضوح على أن في الإسلام توجد وحدة لا انفصام لها بين الدين والدولة. فالإسلام ليس ديناً فحسب، بل أيضاً المملكة الدنيوية. ولا بد من إلقاء نظرة خاطفة على التدرج التأريخي لهذا الملكوت حتى بلغ غايته، واكتمل بناؤه على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا التدرج هو كما يلي:

 



1. أن الإسلام قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم تمثله دولة تحكم باسمه وتدافع عنه، وإنما كان الإسلام ديناً قائماً في حياة الأقوام التي آمنت به، ولم تقم له دولة في حياتهم، بل كان السلطان والقوة في أيدي الكفرة الوثنيين، في العموم الغالب، ويستثنى من ذلك فترات حكم كل من سليمان وداود ويوشع عليهم السلام.

 



2. إن المسيح عليه السلام قد بشر تلاميذه باقتراب ملكوت الله. وهذا الملكوت يعني وجود دين ومجتمع قوي من المؤمنين بالله، وهذا المجتمع يتسلح بالإيمان بالله وبالسيف لقتال أعدائهم الذين يريدون أن يحولوا بينهم وبين تبليغ كلمة الله إلى البشرية، أو بمعنى أوضح: إن ملكوت الله هو الإسلام. إذاً فالمسيح عليه السلام بشر تلاميذه باقتراب ظهور الإسلام على يد محمد صلى الله عليه وسلم ، وأكد لليهود أن النبي الذي تنتظره اليهود ليس يهودياً، ولا من نسل داود عليه السلام، بل هو من نسل إسماعيل عليه السلام واسمه أحمد، وسيقيم الدولة الإسلامية وفق المنهج الذي ارتضاه الله لهم، وهذه الدولة مؤيدة بنصر الله ثم بسواعد المجاهدين في سبيله.

 



3. طبيعة هذا الملكوت وتكوينه: يتألف هذا الملكوت من المؤمنين بالله الذين يلازمهم ذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحوالهم، فلا يقومون بأي عمل إلا ويبدءونه بذكر الله، ويحمدونه بعد الانتهاء منه.

 



وطبيعة هذا الملكوت أنه يتكون في جوهره من شقين: الأول: دين صحيح قائم على وجه الأرض وفق المنهج الذي ارتضاه الله في كتابه القرآن. والثاني: دولة إسلامية تقوم على هذا المنهج ويتصف المؤمنون بهذا المنهج بما يأتي:

 



أ ) أنهم يكونون أمة واحدة تربطهم أخوة واحدة هي أخوة الدين.

 



ب) أنهم كما وصفهم دانيال: جماعة القديسين. وهذه صفة تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار وعلى سائر المؤمنين بالله.

 



4. ديمومة هذه المملكة ورفعة شأنها: هذه الحقيقة أكدها دانيال بقوله: إن جميع الأمم تحت قبة السماء تخدم شعب الأبرار العامل بطاعة الله. ولم تتحقق هذه الصفة – وهي خدمة الأمم – إلا للأمة الإسلامية التي خدمتها الأمم في مشارق الأرض ومغاربها. ومن دواعي استمرار هذه الأمة وديمومتها أنها لا تعرف التمييز الطبقي في تشريعاتها بين أفرادها فالكل سواء أمام شرع الله، لا فرق بين الأبيض والأسود أو بين الحاكم والمحكوم.

 



البشارة الثانية: قال دانيال: (طوبى لمن أمل أن يدرك الأيام الألف والثلاثمائة والخمسة والثلاثين). قال المهتدي الطبري: (فأعملت فيه الفكر فوجدته يوحي إلى هذا الدين، وهذه الدولة العباسية خاصة، وذلك أنه لا يخلو دانيال من أن يكون أراد بهذا العدد: الأيام والشهور والسنين، أو سرا من أسرار النبوة بخرجه الحساب. فإن قال قائل: إنه أراد به الأيام. فإنه لم يحدث لبني إسرائيل، ولا في العالم بعد أربع سنين فرح ولا حادثة سارة، ولا بعد ألف والثلاثمائة وخمسة وثلاثين شهراً، فإن ذلك مائة وإحدى عشر سنة وأشهر. فإن قالوا: عني به السنين. فإنما ينتهي ذلك إلى هذه الدولة، لأن من زمن دانيال إلى المسيح نحواً من خمسمائة سنة... ومن المسيح إلى سنتنا هذه ثمانمائة وسبع وستون سنة ينتهي ذلك إلى هذه الدولة العباسية منذ ثلاثين سنة، أو يزيد شيئاً).

 



وبمقارنة هذا التاريخ الميلادي بالتاريخ الهجري تكون السنة التي أشار إليها هي سنة 253هـ تقريباً. ولعل في هذه البشارة سراً عجيباً وهو الإشارة إلى بلوغ الدولة الإسلامية غاية مجدها، وكمال سيطرتها، ونهاية فتوحاتها.

 



ثامناً: بشارات هوشاع:

 



البشارة الأولى: قول هوشاع: (قال الرب: إني أنا الرب الإله الذي رعيتك في البدو، وفي أرض خراب قفر غير مأهول، ليس بها أنيس). قال المهتدي الطبري: فلسنا نعرف أحداً رعاه الله في البدو، وفي أرض قفر غير النبي صلى الله عليه وسلم.

 



البشارة الثانية: قال هوشاع يصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم: (إنها أمة عزيزة لم يكن مثلها قط ولا يكون، وإن النار تحرق أمامها، وتتوقد خلفها الضرائر). ولم تنل أمة من العز والمنعة والسلطان في فترة طويلة وعلى رقعة واسعة كما نالت الأمة الإسلامية.

 



تاسعاً : بشارة ميخا:

 



قال ميخا: (إنه يكون في آخر الأيام جبل بيت الرب مبنياً على قلال الجبال، وفي أرفع رؤوس العوالي، وتأتيه جميع الأمم، وتسير إليه أمم كثيرة، وهم يقولون: تعالوا نطلع جبل الرب). ويرى الطبري أن هذا النص يتضمن صفة مكة. بينما يرى الترجمان أن الجبل المشار إليه هو جبل عرفات، وأن الأمة المشار إليها في النص الذي أورده الترجمان هي الأمة الإسلامية. وعلى كلا الحالين فهذه النبوة شاهدة ومبشرة بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومبينة صفة أمته، ومشاعر ملته.

 



وقد حرف آخر هذا النص في الطبعة التي بين يدي فصار هكذا (... هلم نصعد إلى جبل الرب، وإلى بيت إله يعقوب من طرقه، ونسلك في سبيله، لأنه من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم كلمة الرب). وقد أعماهم الله عن تحريف أول هذا النص، حتى يبقى شاهداً على الحقيقة، دالاً على النبوة. وقد توقع المهتدي الطبري مثل هذا التحريف فقال: عني بيت المقدس. فكيف يصح له ذلك ؟ وقد بين الله أن يكون ذلك في آخر الأيام, وكان بيت المقدس في زمان هذا النبي موجوداً، وإنما تنبأ النبي على شيء يحدث، لا على ما كان ومضى).

 



عاشراً : بشارة حبقوق:

 



قال حبقوق: (إن الله جاء من التيمن، والقدوس من جبل فاران. لقد انكسفت السماء من بهاء محمد، وامتلأت الأرض من حمده، ويكون شعاع منظره مثل النور، يحوط بلده بعزه، وتسير المنايا أمامه، وتصحب الطير أجناده. قام فمسح الأرض، ثم تأمل الأمم وبحث عنها، فتضعضعت الجبال القديمة، واتضعت الروابي الدهرية، وتزعزعت ستور أهل مدين، ولقد حاز المساعي القديمة، وغضب الرب على الأنهار. فرجزك في الأنهار، واحتدام صولتك في البحار، ركبت الخيول، وعلوت مراكب الإنقاذ والغوث، وستترع في قسيك إغراقاً وترعاً، وترتوي السهم بأمرك يا محمد ارتواءً، وتحرث الأرض بالأنهار. ولقد رأتك الجبال فارتاعت، وانحرف عنك شئويوب السيل، ونعرت المهاوي نعيراً ورعياً، ورفعت أيديها وجلاً وخوفاً، وتوقفت الشمس والقمر عن مجراهما، وسارت العساكر في بريق سهامك ولمعان نيازكك، تدوخ الأرض غضباً، وتدوس الأمم رجزاً، لأنك ظهرت لخلاص أمتك، وإنقاذ شريعة آبائك). هذا

الصفحات [1] [ 2]
اضيف بواسطة :   admin       رتبته (   الادارة )
التقييم: 1 /5 ( 1 صوت )

تاريخ الاضافة: 26-11-2009

الزوار: 4743


جديد قسم مـقـالات الموقـــع
القائمة الرئيسية
البحث
البحث في
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك