عرض المقال :ج 2: المسيح عليه السلام وغلام أحمد (الجمع بين نقيضين)
  الصفحة الرئيسية » مـقـالات الموقـــع » كشف البلية بفضح الأحمدية » مقالات منوعة

اسم المقال : ج 2: المسيح عليه السلام وغلام أحمد (الجمع بين نقيضين)
كاتب المقال: admin

3- "أنا آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد". ( أخرجه مسلم ) , ويقولون : قد بنيت مساجد كثيرة بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون هذا إلا للتعبيرعن فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .

 



وهؤلاء كعادتهم , حرفوا الحديث بقطعهم لمتنه , قال الإمام مسلم في صحيحه : ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الأغر - وكانا من أصحاب أبي هريرة - أنهما سمعا أبا هريرة يقول : "صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وأن مسجده آخر المساجد" ) .

 



وفي رواية: ( قال لنا عبد الرحمن بن إبراهيم أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى عليه وسلم: "فإني آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد " ) .

 



في هذا الحديث مقارنة بين المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في الثواب كما ورد في هذا الباب حديث آخر يدل على فضل المساجد الثلاثة أي المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى .

 



فهذا السياق يدل على أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "مسجدي آخر المساجد" أي آخر مساجد الأنبياء .

 



ولا شك أن هذه المساجد الثلاثة أسست بأيدي الأنبياء وتحت إشرافهم فتكون كلمة "أل" في المساجد عوضا عن المضاف إليه , فصار المعنى مسجدي آخر مساجد الأنبياء.

 



وهذا يوافق ما ذكرناه من النصوص الصريحة الصحيحة التي تدل على انقطاع النبوة بجميع أنواعها , فلا بد من تقديم المنطوق الصريح على المفهوم المشكوك فيه كما صرح به علماء الأصول .

 



ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه البزار في مسنده من زيادة في هذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم : " أنا خاتم الأنبياء ، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء ، أحق المساجد أن يزار ويشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي " ( ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب " وسكت عنه 2/214 ) .

 



4- " أنا خاتم الأنبياء وأنت علي خاتم الأولياء ".

 



أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه من طريق عمر بن واصل وقال: "هذا من عمل القصاص وضعه عمر بن واصل أو وضع عليه "( تاريخ بغداد 10/358 ) .

 



وقال الذهبي : " عمر بن واصل الصوفي شيخ روى عن سهل بن عبد الله اتهمه الخطيب بالوضع" (ميزان الإعتدال 3/230 ) .

 



وقال مؤلف مجمع البحار (مجمع بحار الأنوار) محمد طاهر الهندي الفتني : " لفظ خاتم الأولياء باطل لا أصل له ، فإن خاتم الأولياء آخر مؤمن بقي من الناس وليس هو خير الأولياء ولا أفضلهم فإن خيرهم أبو بكر هم عمر رضي الله عنهما " ( مجمع البحار ج3 ص518 فصل في الخاتمة ) .

 



5- " أبو بكر خير الناس إلا أن يكون نبي" .

 



أخرجه الطبراني وابن عدي , وقال المناوي في " فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي" : " قوله إلا أن يكون نبي أي يوجد نبي فلا يكون خير الناس يعني هو أفضل الناس إلا نبي والمراد الجنس و(يكون) هنا تامة و(نبي) مرفوع بها ، والإستثناء لإخراج عيسى عليه السلام " (فيض القدير ج1 ص90 وميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص231) .

 



وفي " الميزان " قال الذهبي : " تفرد به إسماعيل هذا فإن لم يكن هو وضعه فالآفة ممن دونه" (ميزان الإعتدال 3/230 ) .

 



وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: "فيه إسماعيل بن زياد الأيلي ضعيف" (مجمع الزوائد ج9 ص44 ) .

 



خلاصة الكلام أن هذه الرواية في غاية الوهن حسب الإسناد بل يبلغ إلى درجة الموضوع كما صرح بذلك الذهبي .

 



6- عن عائشة رضي الله عنها قالت : "قولوا خاتم الأنبياء ولا تقولوا لا نبي بعده" ( الدر المنثور للسيوطي 5/204 ) .

 



إسناد هذا الأثر منقطع لأن فيه محمد بن سيرين الذي لم يسمع من السيدة عائشة شيئاً , قال الإمام ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "ابن سيرين لم يسمع من عائشة شيئا" ( كتاب المراسيل ص 116 ) .

 



وقال البخاري: "لم يسمع ابن سيرين من عائشة رضي الله عنها شيئا" ( جامع التحصيل في أحكام المراسيل 2/635 , تهذيب التهذيب 9/216 ) .

 



2- رأيهم في القرآن الكريم وتفسيره

 



يقول غلام أحمد في " الخطبة الإلهامية " : ( أم يقولون إنا لا نرى ضرورة مسيح ولا مهدي , وكفانا القرآن وإنا لمهتدون , ويعلمون أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون , فاشتدت الحاجة إلى مفسر زكي من أيدي الله , وأدخل في الذين يبصرون ) .

 



وهذا نمط من التفسير الأحمدي القادياني الذكي للقرآن الكريم وذلك نقلا عن محمد علي , أمين جماعة القاديانية وزعيم شعبة لاهور من خلال تفسيره " بيان القرآن " :

 



* تفسير منطق الطير في قوله تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }النمل16 : حمل الطيور للرسائل من مكان إلى مكان كالحمام الزاجل .

 



* تفسير وادي النمل بأنها موضع نواحي اليمن , والنملة : بطن من بطون العرب , أو أمة كانت تسكن في وادي النملة .

 



* تفسير الجن في قوله تعالى : {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }الأحقاف29 : طائفة من البشر اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه في الخفاء , وليس المراد به نفوسا لا يقع عليها البصر , وقد جاءوا من الخارج وكانوا أجانب غرباء ولذلك سموا جنا .

 



* المراد من قوله تعالى : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً }الجن1: يظهر أنهم كانوا نصارى وقد جاء ذكرهم على طريق النبوءة , ويكون المراد شعوبا مسيحية تبلغ الروعة في العظمة والرقي , فتصبح بذلك جنا وعفاريت وعباقرة.

 



بل ويذهب غلام أحمد إلى تأويل قول الله عز وجل : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}الإسراء15 . فيقول : " فهذا أيضا يدل على بعث رسول في الزمن الأخير , وهو المسيح الوعود – يعني نفسه – " ( الخزائن الشيطانية 22/500 ) .

 



ويقول عن قول المولى عز وجل : {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }الكهف99 : " المراد من الصور هنا المسيح الموعود , لأن أنبياء الله تعالى هم بمثابة الصور له " ( الخزائن الشيطانية 23/85 ) .

 



وهذا الزنديق ينكر جسمانية الجنة والنار وحقيقتهما فيقول في تأويل قوله تعالى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } البقرة 25 : "إن الله تعالى قد شبه هنا الإيمان بالجنة التي تجري من تحتها الأنهار... بل إن جنة الإنسان تنشأ من باطن الإنسان نفسه ، وإن جنة المرء هي إيمانه وأعماله الصالحات التي يبدأ بالتلذذ بها في نفس العالم " ( فلسفة تعاليم الإسلام ص 85 ) .

 



وأما قوله تعالى {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ } الصافات62-64 .

 



فيقول مسليمة الغلام في تفسيره لهذه الآيات : " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم : أي تنشأ من الكبر والزهو لأنهما جذور جهنم ... خلاصة القول إن الله تعالى مَثَّل كلمة الكفر التي هي في هذه الدنيا بالزقوم واعتبرها شجرة الجحيم ، كما مثل كلمة الإيمان التي هي في هذه الدنيا بالجنة المثمرة " ( فلسفة تعاليم الإسلام ص 87 , 88 ) .

 




 



ثم يؤكد على روحانية الجنة والنار وعدم جسمانيتها : " لقد تبين من جميع هذه الآيات أن الجنة والجحيم بحسب كلام الله القدس ليستا كهذا العالم الجسماني ، وإنما منشأهما أمور روحانية سوف تشاهد بأشكال مجسمة في عالم الآخرة ، ومع ذلك لن تكون من هذا العالم المادي " ( المصدر السابق ص 89 ) .

 



ويقول معلنا كفره بما نزل في القرآن العظيم وبما جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : "إننا لا نؤمن بجنة هي عبارة عن أشجار مغروسة غرساً ظاهرياً ، ولا نؤمن بجحيم فيها أحجار من كبريت مادي ، بل الجنة والجحيم هما انعكاسات للأعمال التي يعملها الإنسان في الحياة الدنيا " ( المصدر السابق ص 111 ) .

 



قال الله تعالى : {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } (محمد 15) .

 



وقال تعالى : {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } الحج 19 – 25 .

 



وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها قال : " لبنة ذهب ولبنة فضة ولماطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم ولا يبؤس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه " ( رواه أحمد واللفظ له والترمذي والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه ) .

 



ووصف صلى الله عليه وسلم النار قائلا : " ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا والله إن كانت لكافية قال إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " ( أخرجه البخاري ومسلم وبقية أصحاب السنن ) .

 



رأيهم في قضية صلب المسيح عليه الصلاة والسلام !

 



تفسير قوله تعالى : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157 : كلمة صلبوه لا تنفي تسميره على الصليب , ولكنها تنفي موته على الصليب كنتيجة لتسميره عليه .

 



فهم يقولون أن المسيح قد صلب لبضع ساعات على الصليب, لكنه لم يمت على الصليب بل حدث له إغماء, فظن الناس أنه مات !

 



ولقد اتفقت الأمة الإسلامية على ما أخبر به القرآن الكريم , من أن المسيح عليه الصلاة والسلام لم يُقتل ولم يُصلب {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء158 , فسلمه الله من شر اليهود وأذاهم , ورغم أن الصلب يسبق القتل , إذ هو وسيلة للقتل , إلا أن الله تبارك وتعالى قدم نفي القتل على نفي الصلب فقال تعالى : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ) , بمعنى : أنه لم يُقتل أصلاً , فكيف تزعمون أنه قد صُلب ؟!

 



ويقول الغلام في كتابه " المسيح الناصري في الهند " أنه بعد واقعة الصلب هاجر المسيح عليه السلام إلى كشمير وتوفي فيها قبل ألفي سنة , مستدلا بقول الله عز وجل : {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }المؤمنون50 , ولقد ناقض الغلام المفسرين بالإجماع لأن " الربوة " هى بيت المقدس ببلاد الشام , كما أن الآية لا تشير إلى هجرة بل إلى إيواء واستقرار , لكن الغلام زعم هذا وقطع بوفاة المسيح ليخلي المقام لنفسه , لأن من مات يستحيل أن يعود إلى الحياة بجسمه وروحه على حسب زعمه , ولهذا زعم أن عودة المسيح ستكون مثيلية ( أي مثيل المسيح ) , وأنه هو المثيل !

 



والمسيح عليه السلام لم يمت , قال تعالى : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55 . أي إني قابضك من عالم الأرض ورافعك إلى السماء بعد استيفائك كامل أجلك , والمقصود بشارته بنجاته من اليهود ورفعه إلى السماء سالما دون أذى ... ومن هذا المعنى قول العرب : توفيت مالي من فلان أي قبضته كله وافيا .

 



كما أن هذا من المقدم والمؤخر تقديره إني رافعك إلي ثم متوفيك بعد ذلك كما قال قتادة, وقد ذكره الطبري أيضا فقال : " وقال آخرون معنى ذلك : إذ قال الله يا عيسى إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا , ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا " ( انظر تفسير الطبري 6/458 ) .

 



وهذا ما قاله الحسن وابن عباس وابن زيد واختاره ابن جرير الطبري وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية , وهذا هو الصحيح كما ذهب إليه المحققون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

 



فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة وتظاهرت عليه البراهين أنه عليه السلام رفع إلى السماء حيا وأنه لم يمت بل لم يزل حيا في السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان , ثم يموت بعد ذلك الموتة التي كتبها الله عليه . فيكون ذكره في الآية قبل الرفع من باب المقدم ومعناه التأخير , لأن الواو لا تقتضي الترتيب , كما نبه أهل العلم وعلماء اللغة .

 



ومن هنا يعلم أن تفسير الوفاة بالموت قبل الرفع قول ضعيف مرجوح , بل الذي عليه الجمهور هو أنه عليه السلام رفع حيا بجسده وروحه , وسينزل في أخر الزمان على النحو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم .

 



يقول الإمام فخر الدين الرازي : ( وقد ثبت الدليل أنه حي – أي المسيح عليه السلام ، وورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سينزل ويقتل الدجال ، ثم إنه تعالى يتوفاه بعد ذلك ) ( التفسير الكبير 8/ 60 ) .

 



هذا وقد نقل الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله في رده على الشيخ شلتوت رحمه الله إجماع أهل العلم على ذلك . ( انظر بتوسع " اتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشرط الساعة" 3/128-131 ) .

 



ولو تتبعنا سخافاتهم في تحريف القرآن الكريم لطال المقام !

 



* رأيهم في قضية النسخ في القرآن الكريم !

 



يقول غلام أحمد : ( إن رقبتي هي تحت نير القرآن الكريم ، وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم ) ( جريدة " أخبار عام " الصادرة من لاهور عدد يوم 26 مايو 1908م ) .

 



والنسخ كما هو معلوم باتفاق علماء الأمة , ثابت في القرآن والسنة , والحكمة منه ظاهرة جلية.

 



قال القرطبي : ( معرفة هذا الباب أكيدة وفائدته عظيمة ( أي النسخ ) ، لا يستغني عن معرفته العلماء ، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء ، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ، ومعرفة الحلال والحرام . روى أبو البختري قال : دخل علي رضي الله عنه المسجد فإذا رجل يخوف الناس ، فقال: ما هذا ؟ قالوا : رجل يذكر الناس ، فقال : ليس برجل يذكر الناس ! لكنه يقول أنا فلان بن فلان فاعرفوني ، فأرسل إليه فقال : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟! فقال : لا ، قال : فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه . وفي رواية أخرى : أعلمت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت . ومثله عن ابن عباس رضي الله عنهما ) ( تفسير القرطبي 1 / 43 ) .

 



قال ابن كثير : ( والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة ، وكلهم قال بوقوعه ) ( تفسير ابن كثير 1 / 181 , 182 ) .

 



وقال الشيخ " رحمة الله بن خليل الهندي " : ( .... فكذلك في نسخ الأحكام حكم ومصالح له – تبارك وتعالى - , نظرًا إلى حال المكلفين والزمان والمكان , ألا ترى أن الطبيب الحاذق يبدل الأدوية والأغذية بملاحظة حالات المريض وغيرها على حسب المصلحة التي يراها , ولا يحمل أحد فعله على العبث والسفاهة والجهل ؟ فكيف يظن عاقل هذه الأمور في الحكيم المطلق العالم بالأشياء بالعلم القديم الأزلي الأبدي ؟! ) (إظهار الحق ص 232) .

 



3- عقيدتهم في السنة والحديث :

 



لقد قام الغلام وأمثاله من المخربين على مر العصور , بالطعن في السنة النبوية , إما تصريحا وإما تأويلا , فالغلام وأتباعه يتعاملون مع السنة والأحاديث بمعيار الهوى والغرض , فإذا وافق الحديث أهواءهم انتصروا له وجعلوا دينهم يدور عليه كما فعلوا في حديث : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " . وإذا خالف الحديث أهواءهم ومنهاجهم الباطل ردوه , ولو كان في أعلى درجات الصحة , وقالوا حسبنا القرآن فما وافق القرآن قبلناه , وما خالف القرآن رددناه , ويجعلون فهمهم وأهواءهم الحكم في الموافقة والمخالفة للقرآن والسنة !

 



          ثم إنهم يسعون لتحريف الأحاديث كما فعلوا مع القرآن الكريم فحرفوا معاني الآيات بما يتماشى مع عقائدهم , ولم تسلم الأحاديث النبوية من أذاهم وتحريفهم , وأعرض نبذا من تحريفهم للسنة المطهرة بتأويلهم للأحاديث النبوية الصحيحة :

 


* يزعم الغلام أنه نبي من عند الله , وأن لفظة " خاتم النبيين " لا تعني بالضرورة أنه لا نبي بعد رسول الإسلام صلوات الله وسلامه عليه , بل تعني أنه صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين وزينتهم , وقد سبق بيان ذلك .

 



* قام الغلام بتأويل أحاديث نزول المسيح عليه السلام شرقي دمشق عند المنارة البيضاء وعليه رداءان أصفران , فقال محرفا : " المراد بالرداء الأصفر : العلة وقد جاء في الحديث أن المسيح ينزل وعليه رداءان أصفران وهذا شأني فإنني أعاني علتين : إحداهما : في مقدم جسمي وهو الدوار الشديد الذي قد أخر به الأرض , وأخاف به على نفسي , والعلة الثانية : في أسفل الجسم وهى كثرة التبول " ( براهين أحمقية 1/201 ) .

 



          ولجأ إلى الخداع والتزييف فادعى أن قرية قاديان مشابهة لدمشق , وأن الله أنزله في دمشق هذه بطريق شرقي , عند المنارة البيضاء من المسجد الذي دخله كان آمنا . ( إزالة أوهام ص 68 ) .

 



          وإذ قد تغلب على تأويل لفظ دمشق والشام ... إلخ , فقد بقى له أن يتغلب على مشكلة المنارة الشرقية , وذلك ببنائه منارة في شرقي قاديان وقرر ذلك سنة 1900 وفتح الإكتتاب لذلك وحث على الإعانات ووضع أساسها عام 1903 وتم هذا المشروع بعد وفاته في حياة نجله " بشير الدين محمود " .

 



          ولم يكتف الغلام بهذا فقط , بل لما رأى فساد تأويله , أنكر أحاديث نزول المسيح عليه السلام بالكلية , واتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب , فقال : " إن فكرة نـزول المسيح الموعود من السماء لفكرة باطلة تماما. اعلموا جيدًا أنه لن ينـزل من السماء أحدٌ. إن جميع معارضينا الموجودين اليوم سوف يموتون، ولكن لن يرى أحد منهم عيسى بن مريم نازلاً من السماء أبدًا ، ثم يموت أولادهم الذين يخلفونهم ، ولكن لن يرى أحد منهم أيضًا عيسى بن مريم نازلاً من السماء ، ثم يموت أولاد أولادهم ، ولكنهم أيضًا لن يروا ابن مريم نازلاً من السماء . وعندئذ سوف يُلقي الله في قلوبهم القلقَ ، فيفكرون أن أيام غلبة الصليب قد انقضت ، وأن العالم قد تغيَّر تمامًا، ولكن عيسى بن مريم لم ينـزل بعد؛ فحينئذ سوف يتنفّر العقلاء من هذه العقيدة دفعةً واحدة، ولن ينتهي القرن الثالث من هذا اليوم إلا ويستولي اليأسُ والقنوط الشديدان على كل من ينتظر عيسى ، سواء كان مسلمًا أو مسيحيًّا، فيرفضون هذه العقيدة الباطلة , وسيكون في العالم دين واحد وسيد واحد.وإنني ما جئت إلا لزرع البذرة، وقد زُرعتْ هذه البذرة بيدي ، والآن سوف تنمو وتزدهر ، ولن يقدر أحد على أن يعرقل طريقها " ( الخزائن الشيطانية 20/67 ) .

 



          يقول السفاريني في كتابه " لوامع الأنوار" 2/94-95 : ( فقد أجمعت الأمة على نزوله- أي المسيح عليه السلام - ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافه ، وقد انعقد إجماع الأمة على أنه ينزل ويحكم بهذه الشريعة المحمدية ، وليس ينزل بشريعة مستقلة عند نزوله من السماء ) .

 



* اعتمد الغلام في تأويلاته وتحريفاته على المنامات , ولجأ إلى أساليب باطنية في حساب الجمل والأعداد كعادة اليهود , والتطرف في تأويل المصطلحات الدينية الشرعية المتواتر لفظها ومعناها ومفهومها .

 



كما زعم أتباعه أن الغلام تلقى وحيا يخبره بموته , وهو : ( لا تثق بالحياة الفانية ) وزعموا أن القيمة العددية لحروف هذا الوحي تشير إلى سنة وفاته !( مصطفي ثابت القادياني : السيرة المطهرة ص 629 ) .

 



* رأيهم في معجزة الإسراء والمعراج !

 



يزعم أتباع الغلام في مقال لهم عن " حقيقة الإسراء والمعراج " : أن الإسراء شيء والمعراج شيء آخر ولم يجتمعا في رحلة واحدة بل ولا في سنة واحدة ، وإنما يفصلهما عدد من السنوات يبلغ ستا أو سبعا لأن سورة النجم نزلت في السنة الخامسة من البعثة وهى التي فيها ذكر المعراج , أما سورة الإسراء فقد نزلت في أوآخر الفترة المكية . وأن الرواة هم الذين اختلط عليهم الأمر فجعلوا الإسراء والمعراج حدث واحد !

 



          ويقولون : إن واقعة المعراج لم تكن انتقالا جسديا من الأرض إلى ما وراء عالم الأفلاك والمجرات , ولم تكن انتقالا روحيا بمعنى أن الروح الشريفة غادرت الجسد وانتقلت إلى هذا المجال.. لأن الأرواح لا تفارق أجسادها مادام المرء على قيد الحياة.. ولم تكن حلما يمر برأس نائم يغط في فراشه . وإنما هي من قبيل الوحي الإلهي الذي يكلم به المولى تبارك وتعالى من يصطفيه من عباده.. إنه الكشف . والكشف أو الرؤيا.. تحدث للإنسان المصطفى وهو في حالة اليقظة الكاملة... يرى الشيء ويعي أحداث الكشف.. وحده في خلوة بعيدا عن الناس ، أو أمام الناس ولا يدرون بما يجري معه ، أو أمام الناس ومعهم ويشتركون معه .

 



ويقولون : إن الإسراء والمعراج ليس بمعجزة , لأن شرط المعجزة لم يتحقق , وهو أن يقع العمل أمام القوم ويشاهدونه , ويقولون أن الحادثة بلا أي قيمة لأنها حدثت أمام من جرت على يديه فقط دون أن يشاهدها أحد !

 



وهذه عادة الطاعنين في السنة المطهرة , فهم يطعنون في أجل الأمور وأعظمها , حتى يصير الإسلام بلا معجزات تثبت مصداقيته , فإذا طعنوا في القرآن والسنة , فماذا يتبقى من الإسلام ؟!

 



أما قولهم أن المعراج لم يحدث ليلة الإسراء , فهذا تكذيب للنبي عليه الصلاة والسلام وليس للرواة فحسب , لأنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد أن أخبر بقصة الإسراء ليلا على البراق إلى بيت المقدس : " ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا .... الحديث". وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري ومسلم وأحمد .

 



واستدلالهم بأوقات النزول غير صحيح , بل فيه كذب على العلماء , فلم يزعم أحد - فيما أعلم – أن سورة النجم نزلت في السنة الخامسة , بل أجمع العلماء أنها مكية دون الإشارة إلى زمن النزول بالتحديد , وكذا الأمر في سورة الإسراء .

 



وعن قولهم أن الإسراء والمعراج كانا من أنواع الكشف أوالرؤيا أثناء اليقظة , فهذا مما قالوه خدمة للمستشرقين الذين يستدلون بأقوال الفرق المارقة عن الإسلام !

 



ولقد رد علماء الإسلام سلفا وخلفا على هذه الدعاوى , قال الله تبارك وتعالى : {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ }الإسراء60 . وأخرج البخاري والترمذي عن ابن عباس قال : " هي رؤيا عَيْن اُرِيها النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أسْرِيَ به إلى بيت المقدس" .

 



          فكيف يكون كشفا أو رؤيا إلهامية ويكون فتنة للناس ؟! فلو قال قائل : لقد طفت الدنيا بأسرها في رؤيا إلهامية هذه الليلة ؟ ترى هل يكذبه أحد ؟! فالناس يعلمون أن قانون الرؤيا الإلهامية يختلف عن قانون الرؤيا العينية الحقيقية , إذ النفس تسرح في الرؤيا الإلهامية كيفما شاءت , فلا يمكن لأحد أن يعترض .

 



أما لو قال قائل : لقد طفت الدنيا بأسرها في رؤيا حقيقية بجسدي وروحي في هذه الليلة؟ فسترى المعترضين يسدون عين الشمس !

 




 



ولهذا اعترض المشركون وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : " ... نضرب إليها أكباد الإبل في شهرا – أي بيت المقدس – وتزعم أنك أتيتها في ليلة ؟ " ( أخرجه مسلم وأحمد والبيهقي ) .

 



أسمعتم أيها الغلامية ؟ قالوا : أتيتها , ولم يقولوا : رأيتها , أو انكشف لك في رؤيا إلهامية!

 



ولو كانت رؤيا إلهامية , أكان هذا يستدعي أيضا أن يرتد بسبب ذلك ضعاف الإيمان ؟!

 



كما أن كلمة ( الرؤيا ) وردت في البصر , وذكرت كذلك في كثير من قصائد الشعر لفحول شعراء العرب , خاصة عند الحديث عن غرائب الأشياء التي تشبه الرؤيا المنامية .

 



هذا , وقد قال الله تبارك وتعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1. والعبد لا يكون عبدا إلا بجسمه وروحه , وقد علمت أن المعراج حدث بعد الإسراء في نفس الرحلة , فعلم من هذا أيضا أن المعراج كان بالجسد والروح .

 



          وأما عن زعمهم أن معجزة الإسراء والمعراج فقدت قيمتها , لأنها جرت أمام صاحبها فقط , فنقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم – وكذلك الأنبياء - كان يأتيه الوحي بالقرآن الكريم خفية . فلم يشهد جبريل عليه السلام أحد غيره صلى الله عليه وسلم , وكذا موسى عليه السلام كلمه الله وحده ولم يشهد أحد ذلك , بل آمن بنو إسرائيل بذلك غيبا , فأولى للغلام وأتباعه أن يطعنوا في القرآن الكريم ورسالة موسى عليه السلام!

 



          إن المسألة المطروحة هنا مسألة إيمانية , أي إخبار بغيب , وليست مسألة مشاهدة , وذلك حتى تناقش بالعقل , وتكون مدخلا للإيمان , لأن الإيمان ليست أداته الرؤية , فليس بعد العين أين , ولكنه يتم بالدليل العقلي على أن ما هو غيب حدث فعلا .

 



          إن كل الدعاوى التي زعمها الغلام وأتباعه , قيلت من المستشرقين , وكانوا يحسبون بذلك أنهم يهدمون المعجزة , لكن أسئلتهم بينت نواحي الإعجاز في الإسراء والمعراج , فسبحان الله الذي سخر عبده غير المسلم لخدمة دين الحق !

 



كتبه :

 



الراجي عفو ربه الغفور :

 



أبو عبيدة محمود سعد مهران

 


اضيف بواسطة :   admin       رتبته (   الادارة )
التقييم: 0 /5 ( 0 صوت )

تاريخ الاضافة: 26-11-2009

الزوار: 2355


جديد قسم مـقـالات الموقـــع
القائمة الرئيسية
البحث
البحث في
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك