هل وجود بيت العدل في عكا يعتبر دليلاً كافياً على علاقة البهائية بالصهيونية وإسرائيل؟
حينما يواجَه البهائيون بهذه الحقيقة- أن للبهائية علاقة وثيقة بإسرائيل وبالصهيونية- ينكرون ذلك، ويتعللون بأن:
وجود البهائيين في عكا سابق على تاريخ قيام إسرائيل بسنوات كثيرة؛ وبالتحديد كان في سنة 1868، بينما قامت إسرائيل سنة 1948 !!
وما بين النفي والاتهام، لابد أن ندلل ونعطي البراهين التي لا تقبل الشك على هذه العلاقة الآثمة...
أولاً: هناك تشابه في العقيدتين البهائية واليهودية ومدى تأثير اليهودية فيها؛ إذ يؤمنون بالحلول ( وحدة الخالق والمخلوق، ومن ثم فالخالق هو المخلوق)، وحينما يعبد المخلوق الخالق فإنه يتوحد معه ويعبد نفسه، أو يعبد قوة خفية لا يمكن الوصول إليها تشبه قوانين الطبيعة، وهذا الاعتقاد مؤسس على قناعة ضمنية فاسدة مفادها أن توحد الإله في مخلوقاته يخضع من منظور بهائي إلى مبدأ الاصطفاء أو الذاتية، واليهودية تعتقد أن الشعب اليهودي يتوحد تماماً بالخالق، ومن ثم تصبح إرادة الشعب من إرادة الخالق، بل إن الخالق يحتاج إلى الشعب لتكامله، وفي ذات الوقت لا إرادة للشعب لأنه أداة في يد الخالق!!
ثانياً: لن يستطيع البهائيون أن ينكروا العلاقات القائمة بينهم حتى ولو قالوا أن البهائيين دخلوا فلسطين قبل قيام إسرائيل بسنوات طويلة، فالأخبار أتت لتفضحها، وإليك التفصيل ..
ففي المجلة البهائية التي تصدر عن المحفل البهائي العالمي في عددها الخامس الصادر سنة 1950، نُشِر الخبر التالي: " لقد عرّف أيادي أمر الله- أعضاء المجمع البهائي-إلى رئيس الجمهورية الإسرائيلية والسيدة عقيلته في المركز العالمي، وقد ذكر جناب الرئيس والسيدة عقيلته أنهما سبق لهما زيارة المولى أمر الله العزيز وتذكرا طوافهما بحقول وبساتين جبل الكرمل في سنتي 1909-1911 واجتماعهما بحضرة البهاء"
وبدورها اعترفت حكومة إسرائيل باستقلال العقيدة البهائية، وأقرت بها لتسجل عقد الزواج البهائي كما أقرت ما سبقتها إليه سلطة الانتداب البريطاني من إعفاء جميع الممتلكات البهائية من الضرائب والرسوم، وزادت على ذلك بإلغاء جميع الأوقاف الإسلامية في مروج عكا وجبل الكرمل ومنحها لهذه الطائفة لبناء المقام الأعلى للبهائية، وأقرت بصورة رسمية الأيام التسعة المباركة في شريعة البهاء.
واجتمع ممثلوا البهائية العالمية سنة 1951 برئيس الكيان الصهيوني ( بن جوريون) ونُشر خبر عن هذا الاجتماع في مجلتهم الأمرية، أعربوا فيه عن امتنانهم، وامتنان الجامعة البهائية للمعاملات الودية من الحكومة الإسرائيلية مع البهائيين، وتقديرهم لما تبذله الحكومة الإسرائيلية من عناية وتفهم في حق قضايا البهائيين، وتمنوا ازدهار إسرائيل.
وفي سنة 1953 نشرت نفس المجلة خبراً عنوانه: ( بشارة عظمى) يقول متنه:" لقد اعترفت الحكومة الإسرائيلية بفرع المحفل البهائي الإيراني في إسرائيل، وقد تم بالفعل تسجيله وأصبحت له شخصية حقوقية، وقد قال الهيكل المبارك( شوجي أفندي) إن لهذا الأمر أهمية كبرى، فلأول مرة في تاريخ هذه العقيدة يسجل فرع لها في بلد يغترف به رسمياً، مع أن أصل المحفل في مؤسسته المركزية بإيران لم يُعترَف به، ولم يسجل وليست له شخصية حقوقية"
وفي نوفمبر 1957 نشرت ذات المجلة مقالاً لأرملة شوجي أفندي الأمريكية- روحية ماكسويل- قالت فيه: " إن مستقبلنا ودولة إسرائيل كحلقات السلاسل متصل بعضها ببعض".
وفي شهر أغسطس 1964م قام رئيس دولة إسرائيل بالزيارة التقليدية للمركز البهائي، ونشرت مجلتهم هذا الخبر، وأضافت:" وقدم حضرة الرئيس دعواته وتحياته لجميع البهائيين في العالم، وبعد استلامه هدية الذات الماركة أرسل رسالة يعبر بها عن عواطف الصداقة والتقدير التي يكنها للجامعة البهائية".
وللبهائيين في الدول الإسلامية أو في العالم أن ينكروا ما شاءوا عن علاقتهم بإسرائيل أو بالعمل السياسي، لكن لن يستطيعوا أن ينكروا ما يمكن أن نفهمه بشيء من التفكير وإعمال العقل، والذي يمكن أن يقودنا إلى أن البهائية بدعوتها تتصادم مع الإسلام، وتلتقي بأعدائه، أيّاً كان هذا العدو، والذي بدوره أسبغ عليهم حمايته التي فقدوها في البلدان ومع السلطات الإسلامية، ولقد عبّر الزعيم الثالث للبهائية عن هذا تماماً حينما قال في كتابه(البديع) المجلد الثالث:" على إثر الاحتلال البريطاني للأراضي المقدسة تمكنّا من التخلص من المخاطر الجسيمة التي كنا نتعرض لها 65 سنة، وانجلى بدر الميثاق الذي كان مخسوفاً بالمحن والبلاء"
إذن فمن الطبيعي ارتماء البهائيون في الأحضان الآمنة...