ركاكة أسلوب الأقدس
من المعلوم أن أكثر الدجاجلة الذين زعموا النبوة والوحي ادعوا أن الله أنزل عليهم كتبا وأوحى إليهم صحفاً وهم يوقنون في قرارة أنفسهم صدق قول الله تعالى{.. وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }الأنعام121
وككل الكذابين زعم البهاء أن الله أنزل عليه كتابا سماه الأقدس كما أنزل على سلفه زعيم البابية الهالك كتاب ( البيان ) وأن هذا الكتاب فيه العقيدة والشريعة وأنه ناسخ لأحكام القرآن، وقد طبع هذا الكتاب (الأقدس) ليطعلك صاحبه على مُضحكات تَوّهّم أنها وحي السماء وهذه قراءة نقدية نبين فيها أنه مجموعة أباطيل في أضاليل، والجديد بالذكر أن كتابه ( الأقدس ) يعتبره البهائيون كتابهم المقدس وعدد صفحاته لا تزيد ه عن ملزمة وربع الملزمة، و (لوح أحمد ) و (لوح على) و (لوح طرازان) لا تتجاوز صفحات أي واحد منها عن نصف ملزمة .
يقول الدكتور محسن عبد الحميد:"ألّف الميرزا حسين كتابه هذا وزعم أن الأحكام التي وردت فيه نزلت من سماء المشيئة الإلهية !، وادعى أن جميع الأحكام المنزلة سابقا قد نسخت لأنها لم تعد منسجمة مع احتياجات الإنسان في جميع أنحاء العالم. "
والمتفحص في هذا الكتاب يجد نفسه وجهاً لوجه أمام فرية كبرى وخرافة فاضحة يسمو العقل الإنساني كثيراً عن إسنادها إلى الله تعالى. ويشفق على أولئك الذين عطلوا عقولهم من البهائيين فوقفوا أمام هذا الكتاب خاشعين معظمين، أعماهم التعصب الأعمى« فلم يكلفوا أنفسهم النظر فيما يحتويه الكتاب من أحكام باطلة، وأقوال ساقطة، وتراكيب ضعيفة وأخطاء فاحشة ولصوصية مخجلة، وجهل كامل بأغوار النفس الإنسانية وقوانين المجتمعات البشرية.
وسنخرج من هذا التعميم في وصف الكتاب إلى الاستشهاد على ما نقول بفُقَر وجُمَل من الكتاب الذي لا يستطيع أصحابه أن ينكروا فيه حرفا واحداً لم يكن لطاغوتهم الميرزا حسين البهاء.
قد ألّف البهاء كتباً جمة منها: كتاب (هفت وادي) بالفارسية، سلك فيه مسلك التصوف، وكتاب (الأقدس) نهج فيه على ترجمة منهج القرآن في ترتيب الآيات والسور، ودوّنَ فيه شريعته وأحكامها، وهو باللغة العربية. وكتاب (إيقان) بالفارسية ، وسماه أولاً (نسخة خال) أي نسخة الخال يعنى خال الباب الذي وقف منه في أخريات أيامه على مدعيات ابن أخته ، ثم غيره باسم (إيقان)، وكتاب(هيكل ) بالفارسية والعربية، وكتاب (إشراقات)، وكتاب (ألواح)، وكتاب (عهد)وهذا الأخير آخر كتبه بيّن فيه وصاياه وجعل الأمر فيه من بعده لابنه الأكبر الميرزا عباس الملقب بغصن الله الأعظم ، ومن بعده لابنه الثاني الميرزا محمد على الملقب بغصن الله الأكبر، وأغلق باب النبوة أو الربوبية والإلوهية إلى ألف سنة من بعده كما قال في الصفحة الثالثة عشرة من ( الأقدس ) وهو : "من يدعى أمراً قبل إتمام ألف سنة كاملة إنه كذاب مفتر ، فسأل الله بأن يؤيده على الرجوع إن تاب هو التواب، وان أصر على ما قال يبعث عليه من لا يرحمه (أي يقتله) إنه شديد العقاب، من يؤول هذه الآية أو يفسرها بغير ما نزل في الظاهر إنه محروم من روح الله ورحمته التي سبقت العالمين ، خافوا الله ولا تتبعوا ما عندكم من الأوهام اتبعوا ما يأمركم به ربكم العزيز الحكيم ."
ولا ندري كيف جاز للميرزا عباس بعد هذا التصريح أن يغير ويبدل في أحكام أبيه ، ويثبت منها ما شاء ، ويمحو ما شاء ويدعى نزول الوحي عليه بذلك ، سواء كانت دعواه ولاية أو نبوة ،أو رسالة، أو ربوبية وإلوهية، كما يشاء أن يسميها حتى أن أخاه قد أنكر عليه ذلك أشد الإنكار ورموه بالكفر و المروق عن دين البهاء.
يقول:" قل فالله الحق لا يغنيكم اليوم كتب العالم وما فيه من الصحف إلا بهذا الكتاب الذي ينطق في قطب الإبداع أنه لا إله إلا أنا العليم الحكيم"
وفي سورة الأمين يقول: " يا قوم امسكوا أقلامكم ، قد ارتفع صرير القلم الأعظم من لدن مالك القدم ثم أنصتوا وقد ارتفع نداء الله الأبهى في برية الهدى إنه لا إله إلا أنا المهيمن القيوم"
وقوله:" إنا أمرناكم بكسر حدودات النفس والهوى، لا ما رقم في القلم الأعلى، إنه لروح الحيوان لمن في الإمكان، قد ماجت بحور الحكمة والبيان بما هاجت نسمة الحيوان، اغتنموا يا أولي الألباب.. تحسبن أنا نزلنا لكم الأحكام بل فتحنا ختم الرحيق المختوم بأصابع القدرة والاقتدار، يشهد بذلك ما نزل من قلم الوحي، تفكروا يا أولي الأفكار"(1)
وقوله:" احمدوا الله بهذه الموهبة التي أحاطت السماوات والأرضيين، اذكروا الله بهذه الرحمة التي سبقت العالمين، قال قد جعل الله مفتاح الكنز حبي المكنون لو أنتم تعرفون، لولا المفتاح لكان مكنوناً في أزل الأزال لو أنتم توقنون، قل هذا لمطلع الوحي ومشرق الإشراق الذي به أشرقت لو أنتم تعلمون"(2)
واقرأ قوله أيضاً:"قد حكم الله دفن الأموات في البلور أو الأحجار الممتنعة أو الأخشاب الصلبة اللطيفة، ووضع الخواتيم المنقوشة في أصابعهم إنه لهو المقدر العليم، يكتب للرجال ولله ملك السموات والأرض وما بينهما، وكان الله بكل شيء عليماً، وللورقات ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وكان الله على كل شيء قدير"(3)
وقوله :"احرقوا الحجبات بنار حبي، أو لسبحات بهذا الإسم الذي به سخرنا العالمين، وارفعن البيتين في المقامين والمقامات التي فيها استقر عرش ربكم الرحمن، كذلك يأمركم مولى العارفين"(4)
ويطول بنا القول إن عرضنا هذه النماذج التي يجد فيها القارئ تقليداً ممسوخاً لأسلوب القرآن الكريم في التعبير.
إن الميرزا قرأ القرآن فلاحظ أن أواخر الآيات مسجوعة، أو مزدوجة أو مرسلة، فحاول ذلك الكاذب الضال إتّباع أسلوب القرآن الكريم ، لكنه كان كحاطب ليل ، فشتّان بين أسلوب ذلك الأبله وكلام الله سبحانه وتعالى، والأمر لا يقتصر على الأسلوب فقط ، بل الحقائق الكونية التي مازالت تنكشف لنا وستستمر بإذن الله عز وجل، وهذا وجه من وجوه الإعجاز ، وأضف إلى ذلك الإخبارات الماضية والمستقبلية التي لا يستطيع أياً كان أن يجارى ذلك كله
يقول عز وجل {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21
1- الأقدس ص57
2- الأقدس ص36
3- الأقدس ص17
4- الأقدس ص22