| اسم المقال : كشف تحريف اللئيم لقصة هاجر و إبنها الحليم | كاتب المقال: admin | (أولا) عهد الله تعالى مع إبراهيم:-
على وجه العموم سواء من ناحية إسماعيل أو من ناحية إسحاق (عليهما و على نبينا الصلاة و السلام) و قد دلت على ذلك نصوص القرأن و التوراة معا فقال تعالى"وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" ( العنكبوت 26) فأوضح الله جل و علا أن النبوة و الكتاب جعلا فى ذرية إبراهيم بصفة عامة و قال تعالى"فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً (49) وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً (51)وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً (55) "(مريم 49-55) و هذه الأيات البينات فصلت النقاش حول نبوة إسماعيل عند المسلمين أما فى التوراة فنقرأ((6فَقَالَ أَبْرَامُ لِسَارَايَ: «هُوَذَا جَارِيَتُكِ فِي يَدِكِ. إفْعَلِي بِهَا مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ». فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا. 7فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. 8وَقَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ». 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَإخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا». 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ». 11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ إبْناً وَتَدْعِينَ إسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».(التكوين:8,16-12)
قال العلامة ابن القيم:- و من المعلوم أن يد بنى إسماعيل قبل محمد(ص) لم تكن فوق يد بنى إسحاق بل كان فى أيدى بنى إسحاق النبوة و الكتاب و الملك إلى أن بعث الله محمدا (ص) برسالته و أكرمه بنبوته فصارت بمبعثه يد بنى إسماعيل فوق الجميع و قهروا اليهود و النصارى و المجوس و الصابئة و عباد الأصنام فإن قال أهل الكتاب : نحن لا ننكر هذا و لكن هذه بشارة بملكه و ظهوره و قهره لا بنبوته و رسالته .
قال المسلمون: الملك ملكان ملك ليس معه نبوة بل هو ملك جبار متسلط و ملك نفسه نبوة و البشارة لم تقع بالملك الأول و لا سيما إن إدعى صاحبه النبوة و الرسالة و هو كاذب مفتر على الله فهو من شر الخلق و أفجرهم و أكفرهم فهذا لا تقع البشارة بملكه و مباركته و إنما يقع التحذير من فتنته كما وقع التحذير من فتنة الدجال بل هذا شر من سنحاريب و نبوختنصر و الملوك الظلمة الفجرة الذين يكذبون على الله فالأخبار لا تكون بشارة و لا يفرح بها إبراهيم و هاجر , و لا بشر أحد بذلك و لا يكون ذلك إثابة لها من خضوعها و ذلها و أن الله قد سمع ذلك و يعظم هذا المولود و يجعله أمة عظيمة و هذا عند الجاحدين بمنزلة أن يقال : إنك ستلدين جبارا ظالما طاغيا يقهلا الناس بالباطل و يبدل دين الأنبياء و يكذب على الله و نحو ذلك! فمن حمل هذه البشارة على هذا فهو من أعظم الخلق بهتانا و فرية على الله و ليس هذا بمستنكر لأمة الغضب و عباد الصليب و قد خرج علينا الحاخام عوفاديا يوسف يقول ((إن الله نادم لأنه خلق العرب)) فحسبنا الله و هو نعم الوكيل.
(ثانيا) فى بيان أن الذبيح هو إسماعيل:
و من الإسرائيليات ما ذكره بعض المفسرين غند قوله تعالى((فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) (الصافات)
فقد روى بعض المفسرين منهم البغوى و إبن جرير روايات عن بعض الصحابة و التابعين و كعب الأحبار أن الذبيح هو إسحاق و لم يقف الأمر عند هذا الحد بل رفع البعض ذلك زورا إلى النبى (ص) و كل الأحاديث التى نسبت لرسول الله (ص)فى هذا الصدد ضعيفة بلا إستثناء سواء ما أخرجه إبن جرير أو الدارقطنى أو الطبرانى فى الأوسط كما فصل فى ذلك الدكتور محمد أبو شهبة فى كتاب (الإسرائيليات و الموضوعات فى كتب التفسير) و الحق أن المرويات فى أن الذبيح إسحاق هى من إسرائيليات أهل الكتاب و قد نقلها من أسلم منهم ككعب الأحبارو حملها عنهم بعض الصحابة و التابعين تحسينا للظن بهم و أخذا برخصة التحديث عن أهل الكتاب و الحقيقة أن هذه المرويات هى من وضع أهل الكتاب لعداوتهم المتأصلة من قديم الزمان للنبى الأمى و قومه العرب فقد أرادوا الا يكون لإسماعيل الجد الأعلى للنبى و العرب فضل انه الذبيح حتى لا ينجر ذلك إلى النبى (ص) و العرب و لكى يكون الفضل لجدهم إسحاق و عنصرية اليهود أمر لا يحتاج إلى نقاش لذلك حرفوا التوراة و لكن أبى الله إلا أن يغفلوا عما يدل على هذه الجريمة النكراء و الجانى غالبا يترك من الأثار ما يدل على جريمته و الحق يبقى له شعاع و لو خافت فقد إستبدلو إسم إسماعيل بإسم إسحاق و هذا هو نص التوراة ((1وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ لأُمُورِ أَنَّ للهَ مْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ بْنَكَ وَحِيدَكَ لَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَذْهَبْ إِلَى أَرْضِ لْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ لْجِبَالِ لَّذِي أَقُولُ لَكَ».(التكوين:22و1-2)
و ليس أدل على كذب هذا من كلمة(( وحيدك)) و إسحاق عليه السلام لم يكن وحيده قط! لأنه ولد له و لإسماعيل نحو اربع عشرة إلى خمس عشرة سنة كما نصت على ذلك توراتهم فقد جاء ((و كان أبرام إبن ست و ثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لإبرام)) (التكوين:6,16)
و جاء أيضا(( و كان إبراهيم إبن مائة سنة حين ولد له إسحاق)) (التكوين: 5,21) و قد رأينا وفقا للتوراة أن الله قد أعطى العهد لإبراهيم مع ذريته منذ مولد أسحاق فقد جاء(( 9وَرَأَتْ سَارَةُ بْنَ هَاجَرَ لْمِصْرِيَّةِ لَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ لْجَارِيَةَ وَبْنَهَا لأَنَّ بْنَ هَذِهِ لْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ بْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ لْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ بْنِهِ. 12فَقَالَ للهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ لْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ سْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ لْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».(التكوين: 21 و9-13)
فكيف يخلف الله وعده بعد أن أعطاه إياه و يأمره بذبح ولده الذى كان قد وعده بمباركته؟ و كيف يكون إسحاق وحيد إبراهيم؟ أم أنكم تسلبون إسماعيل حق البنوة بعد أن سلبتموه حق النبوة؟!! و الحق أن قصة الذبيح كانت قبل مولد إسحاق حين كان إسماعيل هو الإبن الوحيد لإبراهيم . و قد ذكر العلامة إبن تيمية و تلميذه إبن كثير و كذلك أبن القيم أن بعض النسخ جاء فيها (بكرك) بدلا من (وحيدك) و هو أظهر فى البطلان و أدل فى التحريف .
_ و كون الذبيح هو إسماعيل دلت عليه ظواهر الأيات حيث قال الله تعالى بعد ذكر قصة الذبيح ((وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ)) فأوضح أن الذبيح هو إسماعيل إذ أتبع قصته بالبشارة بميلاد إسحاق و الأثار متواترة عن الصحابة و التابعين بأن الذبيح إسماعيل و منها ما له حكم الرفع للنبى(ص) و هو ما عليه جمهور الصحابة و التابعين و العلماء و منهم :- على و ابن عمرو أبو هريرة و مجاهد و أبو الطفيل و سعيد بن الجبير و الشعبى و الحسن البصرى و محمد بن كعب القرظى و سعيد بن المسيب و أبو جغفر محمد الباقر و أبو صالح و أبو عمرو بن العلاء و الربيع بن أنس و أحمد بن حنبل و غيرهم كثير و هى إحدى روايتين و أقواهما عن ابن عباس و أيضا قصة الذبيح كانت بمكة و ايس أى مكان أخر و لذلك جعلت القرابين يوم النحر بها كما جعل السعى بين الصفا و المروة و رمى الحجارة تذكيرا بشأن إسماعيل و أمه فالمسلمون لا يذبحون لأنه لا بد من كفارة دموية يتم تقديمها كما يزعم النصارى إنما تخليدا لذكرى نبى ضرب المثل فى العبودية لله وإمتثالا لأمر الله و لإطعام البائس و الفقير إذ يقول تعالى (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)) ((الحج))
و كذلك قد دلت بعض أحاديث و الأثار عن الصحابة و التابعين على أن الذبيح إسماعيل منها ما رواه الحاكم و ابن جرير و غيرهما عن عبد الله بن سعيد الصنابحى قال: حضرنا مجلس معاوية فتذاكر القوم إسماعيل و إسحاق أيهما الذبيح؟ فقال البعض إسماعيل و قال البعض إسحاق فقال معاوية: على الخبير سقطتم كنا عند رسول الله(ص) فأتى أعرابى فقال : يل رسول الله خلفت الكلأ يابسا و المال عابسا ,هلك العيال و ضاع المال فعد على مما أفاء الله عليك يا إبن الذبيحين فتبسم رسول الله(ص) و لم ينكر عليه فقال القوم من الذبيحين يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر ماء زمزم نذر لله لإن سهل أمرها أن ينحر بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم و كانو عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد أن ينحره فمنعه أخواله بنو خزوم و قالو أرض ربك و افد ابنك ففداه بمائة ناقة ,قال معاوية: هذا واحد و الأخر إسماعيل .
كما أن عقد مقارنة بسيطة بين الرواية القرأنية و الرواية التوراتية تكشف سمو و رقى النص القرأنى ففى الرواية التوراتية نجد إبراهيم و قد قرر ذبح إبنه غدرا و خيانةّ دون إعلامه و هذا لا يتناسب أبدا مع أخلاق الأنبياء أو حتى مع المعانى الإيمانية التى يريد الله تعالى أن يعلمنا إياها و هى معانى الإستسلام لله و حسن الظن بالله و بذل النفس إبتغاء مرضاته فنقرأ فى التوراة ((4وَفِي لْيَوْمِ لثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ لْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ لْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَلْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا». 6فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ لْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ لنَّارَ وَلسِّكِّينَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعاً. 7وَقَالَ إِسْحَاقُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا يَا بْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا لنَّارُ وَلْحَطَبُ وَلَكِنْ أَيْنَ لْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ لْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا بْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعاً. 9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى لْمَوْضِعِ لَّذِي قَالَ لَهُ للهُ بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ لْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ لْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ بْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى لْمَذْبَحِ فَوْقَ لْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ لسِّكِّينَ لِيَذْبَحَ بْنَهُ))(التكوين 22و6-10)
بينما نجد فى نص القرأن المجيد ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين)) فكان هذا الموقف الإيمانى من الأب العظيم الذى يعلم جيدا أنه أحسن تربية إبنه و يعلم مدى إخلاص ذلك الإبن البار فأراد أن يشركه معه فى الأجر فسأله و هو واثق من الجواب فأخرجا لنا هذه الملحمة الشريفة فى العبودية لله و الإستسلام لأمره سبحانه و خلد الله ذكراهما و أثنى عليهما بأيات تتلى إلى أبد الأبدين
(ثالثا) فى قصة هجرة هاجر بنبى الله إسماعيل عليهما السلام :
تختلف القصة عند المسلمين عنها عند أهل الكتاب فى نقطتين أساسيتين هما سبب الهجرة و زمن الهجرة و ربما مكان الهجرة الذى سعى الكفار لتغييره ففى التوراة كما رأينا سبب الهجرة كان العنصرية التى نسبتها التوراة المحرفة لسارة بل و أقرها الله تعالى عما يقولون فإبن الجارية لا يجوز له أن يرث مع ابن سارة(على حد زعمهم) أما فى القرأن الكريم فسبب هجرة إبراهيم معروف و هو إعمار البيت العتيق و إقامة الصلاة فيه,يقول تعالى((رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ))(إبراهيم36)
فوضحت الأيات أن إسكان إبراهيم لأهله فى واد غير ذى زرع إنما هو لإقامة الصلاة و تمهيد البيت لتهوى إليه أفئدة الناس من شتى بقاع الأرض و أثر هذه الدعوة المباركة معلوم فملايين الناس بمختلف ألوانهم و ألسنتهم يحجون و يعمرون كل عام إلى هذه البقاع المباركة ياتون من كل فج عميق و لو كان سبب الهجرة هو مجرد إرضاء سارة لكان سبب حقير فمن هذا الذى يترك زوجته و إبنه فى منطقة نلئية فقط لإرضاء زوجته الأخرى؟!! و أين العدل بين الزوجات عندئذ؟؟
أما عن وقت الهجرة فهنا يتكشف التحريف بوضوح فوفقا للتوراة كانت هجرة هاجر و إسماعيل لاحقة على إنجاب سارة لإسحاق بل و بسببها وإسماعيل كان عمره وقتها قرابة خمس عشرة سنة كما أوضحنا سابقا أى أنه كان شابا يافعا عند الهجرة لا طفلا رضيعا و هذا خطأ مفضوح بلا شك لأن سياق النصوص لا يتمشى إلا مع طفل صغير إذ نقرأ((14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَلْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغَ لْمَاءُ مِنَ لْقِرْبَةِ طَرَحَتِ لْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى لأَشْجَارِ 16وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيداً نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ لْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ. 17فَسَمِعَ للهُ صَوْتَ لْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ للهِ هَاجَرَ مِنَ لسَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ للهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ لْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي حْمِلِي لْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ للهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَذَهَبَتْ وَمَلَأَتِ لْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ لْغُلاَمَ. 20وَكَانَ للهُ مَعَ لْغُلاَمِ فَكَبِرَ وَسَكَنَ فِي لْبَرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ))(التكوين 21و14-20)
فهل كان ذلك الشاب صاحب الخمس عشرة ربيعا الذى ترعرع فى بيئة شرق أوسطية طفلا تحمله امه الضعيفة على كتفها؟ ثم تطرحه تحت إحدى الأشجار؟ ثم تفكر كيف تنقذه من الهلكة و هو أخذ فى البكاء؟! فالحمد لله الذى فضح تحريفهم
و أخيرا نسأل : لماذا يترك إبراهيم أهله فى هذه المنطقة بالذات إذا كان كل المطلوب إبعاد إسماعيل فلماذا لا يذهب به إلى مصر موطن أمه أو أى منطقة أخرى معمورة لا يخشى فيها على أهله من الهلكة؟؟ و لماذا يأتى الملاك و يفجر البئر تحت قدم الغلام و يعطى له هذه الأية العظيمة و الوعد بالمباركة؟ الإجابة بوضوح أن هذه المنطقة مطلوبة لذاتها كما فصلنا و إسماعيل منذ أن ولد و هو فى جبال فاران ( اما الحديث عن بئر سبع والقول بأن جبال فاران هى جبال الشام فهو من تحريفاتهم و ترهاتهم المتعمدة ) و المعلوم بالأثر و التواتر أن جبال فاران هى جبال مكة و أن إسماعيل و ذريته سكنوا الجزيرة العربية و العرب أصحاب الجزيرة العربية هم أبناء إسماعيل و لا يزال ماء زمزم و قواعد البيت و مقام إبراهيم عليه السلام أيات محفوظة من الله إلى يومنا هذا و العرب كلهم إجتمعوا على الحج لبيت الله الحرام و إختلفوا بينهم فيما أحدثوه من بدع و أوثان حتى بعث الله محمدا (ص) بالنور و الهدى و لله الحمد و المنه.
و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
| اضيف بواسطة : | admin | رتبته ( | الادارة ) |
| | تاريخ الاضافة: 26-11-2009 | الزوار: 1798 | | | | |
| |
|