يتباحث أعضاء الكنيسة الأنجليكانية في أنحاء العالم حول مستقبل الكنيسة بعد رسامة أول أسقف مثلي الجنس علنا.
فقد تمت رسامة جين روبنسون، الذي يعيش مع رفيقه منذ 15 عاما، كأسقف ولاية نيو هامبشاير الأمريكية في مناسبة شهدت الكثير من الاحتفال، والجدل، الأحد.
وقد أتيحت الفرصة لثلاثة من أعضاء الكنيسة للإعراب عن اعتراضاتهم خلال المناسبة فيما قالت إحدى السيدات إن رسامة الأسقف روبنسون لن تشق عباءة المجتمع الأنجليكاني فحسب، بل "ستحزن قلب الله" أيضا.
وفي ختام المناسبة قال رئيس أساقفة كانتربري، روان ويليامز، الزعيم الروحي للكنيسة الأنجليكانية، إن الانقسامات التي دبت في المجتمع الأنجليكاني العالمي في أعقاب رسامة هذا الأسقف "أمر يثير الأسى".
| تعين مواجهة تداعيات ذلك على خدمة وشهادة الأغلبية العظمى من الأنجليكانيين، خاصة خارج العالم الغربي، مواجهة أمينة |
غير أن بيان رئيس الأساقفة، الذي جاءت صياغته بعناية بالغة، تجنب توجيه انتقاد مباشر للرسامة، وكذلك تفادى الإقرار الصريح بها، واكتفى بوصفها بأنها تمت "بنية صالحة".
وأضاف ويليامز "يتعين مواجهة تداعيات ذلك على خدمة وشهادة الأغلبية العظمى من الأنجليكانيين، خاصة خارج العالم الغربي، مواجهة أمينة".
ويقول بعض المعارضين للأسقف إنهم يخططون لتأسيس كنيسة جديدة مع من يوافقهم الرأي من الأساقفة في الولايات المتحدة وخارجها.
وتقول سوزانا برايس مراسلة بي بي سي في نيو هامبشاير إن أنصار الأسقف يأملون تجنب حدوث انشقاق دائم، غير أنه مازال من المبكر التكهن بالآثار بعيدة المدى للرسامة التي جرت الأحد.
خطاب مؤثر وقد جرى الحدث في ساحة لهوكي الجليد تم إعدادها للمناسبة ببلدة ديرهام في ظل إجراءات أمنية مشددة، حيث انتشر رجال الشرطة على أسطح المباني وبشكل مكثف في الشوارع المحيطة.
وقد شارك نحو أربعة آلاف شخص، بينهم خمسون أسقفا أمريكيا، فضلا عن أسرة روبنسون وأعضاء كنيسته، في حفل رسامته.
وشهدت القاعة وقوف الحضور مع التصفيق الحار قبل تقديم الملابس الكهنوتية البراقة لروبنسون من جانب أسرته، وبينهم أمه وأبوه.
وعندها بدا صوته متأثرا بالانفعال حينما قال "لا يمكنكم أن تتخيلوا أي شرف أن تكون دعوتي قد أتت منكم".
وخاطب الأسقف روبنسون المحافظين الرافضين لرسامته بالقول "ليعرفوا إن كان لابد من مغادرتهم لهذا المكان، أنهم سيكونون محل ترحاب دائما".
"رمز للوحدة" وكان ثلاثة من أعضاء الكنيسة قد ألقوا خطبا حينما سأل الأسقف فرانك جريزوولد الذي ترأس الحفل ما إذا كان لدى أي شخص ممانعة تحول دون المضي قدما.
| لا يمكنكم أن تتخيلوا أي شرف أن تكون دعوتي قد أتت منكم |
ولكن جاء التصفيق الحاد ليقاطع عظة الرسامة التي ألقاها أسقف نيو هامبشاير المتقاعد دوجلاس تيونر حينما تحدث دفاعا عن روبنسون.
وقال الأسقف المتقاعد إن الأسقف روبنسون "سيكون رمزا لوحدة الكنيسة بشكل ليس باستطاعة أي منا أن نكونه".
وخارج الحفل واجه المحتجون على الرسامة والمؤيدون لها بعضهم البعض وبينهم فاصل من قوات الشرطة، بينما جرت عظة منفصلة حضرها المناهضون للرسامة في كنيسة بمنطقة أخرى بالبلدة.
ويخطط بعض التقليديين، الذين يرون أن العلاقات المثلية انتهاكا لتعاليم الكتاب المقدس، لرفع طلب للزعيم الروحي للمسيحيين الأنجليكانيين في العالم، رئيس أساقفة كانتربري د. روان ويليامز، للسماح لهم بالانشقاق عن الكنيسة.
ولكن رغم الانقسامات الحادة يتوقع د. ويليامز أن يجري رأب الصدع في نهاية المطاف.
وقد قال ويليامز قبل حفل الرسامة "سيعلمنا الله كلا على حدة، ويوما ما سنهتدي بالشكر والتوبة لنتشارك معا بما تعلمناه كل في موضعه".
"مطمئن" يذكر أن زعماء بارزين بالكنيسة في أفريقيا قد تصدروا المعارضة لتعيين الأسقف روبنسون.
فقد وصفها رجال الدين النيجيريون بأنها أمر شنيع بينما قالت الكنيسة في أوغندا أنها بصدد قطع علاقاتها بأسقفية نيو هامبشاير.
وكان رئيس أساقفة الكنيسة الأنجليكانية في نيجيريا، بيتر أكينولا، الذي يمثل أكبر تجمع للأنجليكانيين خارج إنجلترا، قد وصف الوضع الجنسي للأسقف روبنسون بأنه "رجس".
وقال راعي كاتدرائية جميع القديسين بنيروبي، القس بيتر كارانجي، إنه يشعر بالحزن العميق لنبأ هذا التعيين، غير أنه قال إن زعماء الكنيسة في كينيا مازالوا يأملون أن يكون هناك سبيل للحيلولة دون انشقاق الكنيسة.
وكان جين روبنسون قد تحدث إلى بي بي سي قبل رسامته قائلا إنه يشعر بالهدوء وأنه مطمئن ولا يعبأ بأنه لن يكون مقبولا على نطاق واسع كأسقف في الخارج.
وأضاف "حسنا، إن هذا يجعلني أشعر أنني في قارب واحد مع صحبة جيدة جدا لأن أغلب الأساقفة في العالم لا يقبلون خدمة ورسامة قسيساتنا وأساقفتنا من النساء".