الحجة الشيطانية ودفعها
من كتاب :
صِرَاعُ مَعَ المَلاحِدَة حتى العظم
تأليف
عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني
أخذ (د. العظم) يردد الحجة الشيطانية القديمة التي تقول في آخر سلسلة التساؤل : ومن خلق الله؟ ثم اختار لنفسه سبيل التسليم بقدم المادة وأزليتها .
وقد حدثنا الرسول عن هذه الوسوسة الشيطانية ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :
"يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ باللهِ ولينته".
وهذه الوسوسة الشيطانية تنطلق على ألسنة الناس بغية التضليل بها ، وقد ذكر الرسول هذه الحقيقة أيضاً:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :
"لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال : هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل : آمنت بالله ورسله".
أما كلام (د. العظم) حول هذه الحجة الشيطانية القديمة فلا يزيد في مضمونه عن مثل هذا التساؤل ، مع الاعتراف بالعجز عن تقديم جواب مقنع حول ادعائه أزلية هذا الكون بالنسبة إلى مادته الأولى ، ولا يفوته أن يقذف بلهيب حقده على خالقه جل وعلا منذ مطلع كلامه ، ويغريه بالأمر حلم الله عليه ، وعدم وجود سلطة عادل في الأرض تحاسبه .
يقول – عليه من الله ما يستحق – في الصفحة (28) من كتابه:
"إن قولنا باحتضار الله في المجتمعات المتخلفة يشكل تمثيلاً رمزياً لحالة الثورة والفوران ، وفقدان الجذور التي تعاينها هذه المجتمعات في محاولاتها الوصول إلى نوع من التعايش المرحلي بين الأفكار العلمية الجديدة وتطبيقاتها العملية والصناعية ، وبين تراثها الديني السحيق ، دون أن يتنازل كلياً ومرة واحدة عما في ماضيها من قيم غيبية . لذلك نسمع دائماً أصداء صرخة تقول : حتى لو سلمنا كلياً بالنظرة العلمية للأشياء ستبقى أمامنا مشكلة المصدر الأول لهذا الكون . لنفترض مع (رسل) أن الكون بدأ بسديم ، ولكن العلم لا يقول لنا : من أين جاء هذا السديم ، إنه لا يبين لنا من أين جاءت هذه المادة الأولى التي تطور منها كل شيء ؟ فلا بد للعلم إذن من أن يتصل بالدين في نهاية المطاف . ولكن طرح السؤال بهذه الصورة يبين لنا مدى تحكم تربيتنا الدينية وتراثنا الغيبي في كل تكفيرنا . لنفترض أننا سلمنا بأن الله هو مصدر وجود المادة الأولى ، هل يحل ذلك المشكلة ؟ هل يجيب هذا الافتراض على سؤالنا عن مصدر السديم الأول؟ والجواب هو طبعاً بالنفي . أنت تسأل عن علة وجود السديم الأول وتجيب بأنها الله ، وأنا أسألك بدوري وما علة وجود الله؟ وستجيبني بأن الله غير معلول الوجود ، وهنا أجيبك ، ولماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود ، وبذلك يُحسم النقاش دون اللجوء إلى عالم الغيبيات ، وإلى كائنات روحية بحتة لا دليل لنا على وجودها ، علماً بأن ميل الفلاسفة القدماء بما فيهم المسلمين كان دائماً نحو هذا الرأي إذ قالوا بقدم العالم ، ولكنهم اضطروا للمداورة والمداراة بسبب التعصب الديني ضد هذه النظرة الفلسفية للموضوع . في الواقع علينا أن نعترف بكل تواضع بجهلنا حول كل ما يتعلق بمشكلة المصدر الأول للكون . وعندما تقول لي : إن الله هو علة وجود المادة الأولى التي يتألف منها الكون ، وأسألك بدوري : وما علة وجود الله ؟ إن أقصى ما تستطيع الإجابة به : " لا أعرف إلا أن وجود الله غير معلول" ، ومن جهة أخرى عندما تسألني : وما علة وجود المادة الأولى فإن أقصى ما أستطيع الإجابة به : " لا أعرف إلا أنها غير معلولة الوجود " في نهاية الأمر اعترف كل منها بجهله حيال المصدر الأول للأشياء . ولكنك اعترفت بذلك بعدي بخطوة واحدة ، وأدخلت عناصر غيبية لا لزوم لها لحل المشكلة . والخلاصة ، إذا قلنا : عن المادة الأولى قديمة وغير محدثة أو إن الله قديم وغير محدث ، نكون قد اعترفنا بأننا لا نعرف ولن نعرف كيف يكون الجواب على مشكلة المصدر الأول للأشياء ، فالأفضل إذن أن نعترف بجهلنا صراحة ومباشرة عوضاً عن الاعتراف به بطرق ملتوية وبكلمات وعبارات رنانة . ليس من العيب أن نعترف بجهلنا ، لأن الاعتراف الصريح بأننا لا نعرف ما لا نعرفه من أهم مقومات التفكير العلمي ، وتعرفون أن العالم ملزم على تعليق الحكم عندما لا تتوافر لديه الأدلة والشواهد والبراهين الكافية لإثبات أو لنفي قضية ما . هذا هو الحد الأدنى من متطلبات الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة ".
هذا كلام (د. العظم) حرفياً ، وعلينا أن نُحَلِّلَه ونكشف للقارئ ما فيه من مغالطات فكرية .
سأترك كبيرته الأولى التي أطلق فيها على الله الخالق العظيم سبحانه عبارة الاحتضار ، وسبقها في كلامه إطلاق عبارة الموت اقتداء بالفيلسوف الملحد (نيتشه) لأن مثل هذه العبارات التي ليس فيها إلا تطاول وحماقة وسخرية لا تدخل في أي مجال أو في أي مستوى من مستويات النقاش العلمي أو البحث المنطقي ، ولا جواب لها في الحقيقة إلا صاعقة ربانية ، أو أيَّةُ قاتلة من قواتل السماء تعطيه الرد العلمي على تطاوله ، ولكن الله تبارك وتعالى حليم ، يمهل كثيراً ، حتى إذا أخذ بالعذاب أخذ أخذاً كبيراً .
وأبدأ بالتركيز على الحجة الشيطانية التي تساءل فيها عن علة وجود المصدر الأول للأشياء ، وزعم فيها أن إحالة المؤمنين ذلك على الله تبارك وتعالى يساوي نظرياً وقوف الملحدين عن السديم ، الذي اعتبروه المادة الأولى لهذا الكون ، وزعم أن كلا الفريقين لا يجد جواباً إلا أن يقول : لا أعرف إلا أن وجود هذا الأصل غير معلول ، وزعم أن الملحد اعترف بهذا قبل المؤمن بخطوة واحدة ، ثم خادع بأن إعلان الجهل والاعتراف به من متطلبات الأمانة الفكرية حين لا توجد أدلة وشواهد وبراهين كافية .
ولدى البحث المنطقي الهادئ ، يتبين لكل ذي فكر صحيح ، أن هذه الحجة التي ساقها ليست إلا مغالطة من المغالطات الفكرية ، وهذه المغالطة قائمة على التسوية بين أمرين متباينين تبايناً كلياً ، ولا يصح التسوية بينهما في الحكم . وفيما يلي تعرية تامة لهذه المغالطة من كل التلبيسات التي جللها بها .
فإذا وضعنا هذه المغالطة بعبارتها الصحيحة كانت كالتالي : ما دام الموجود الأزلي غير معلول الوجود فلم لا يكون الموجود الحادث غير معلول الوجود أيضاً؟
وكل ذي فكر صحيح سليم من الخلل يعلم علم اليقين أنه لا يصح أن يُقاس الحادث على القديم الأزلي الذي لا أول له ، فلا يصح أن يشتركا بناء على ذلك في حكم واحد .
وعلى هذه الطريقة من القياس الفاسد من أساسه صنع مغالطته الجدلية . والملحدون حين يصنعون مثل هذا الاستدلال الفاسد يسارعون إلى ستر فساد أدلتهم بعبارات التقدم العلمي ، والمناهج العلمية ، والتقدم الصناعي ، والمناهج العقلية في تقصي المعرفة ، والاتجاهات الثورية في المجتمع والاقتصاد ، ويخلطون هذه العبارات خلطاً ، ويحشرونها في كل مكان ومع كل مناقشة ، تمويهاً وتضليلاً ، كأن التقدم العلمي والصناعي للإلحاد وحده ، وليس للإيمان ، مع أن الدنيا جميعها وما فيها من ماديات قد كانت وما زالت ولن تزال حتى تقوم الساعة للمؤمنين والكافرين وغيرهم على سواء ، ضمن سنن الله الثابتة التي لا تتغير ، وهي مجال مفتوح لكل الناس ، إذ يمتحن الله بها إرادتهم وسلوكهم في الحياة ، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً .
فإذا قال الملحد :ولِمَ لا تكون المادة الأولى لهذا الكون (كالسديم مثلاً) قديمة أزلية غير حادثة ،تنطلق منها التحولات ثم ترجع إليها التحولات؟
فإن جوابه يأخذه من هذا الكون نفسه ،وما فيه من صفات وخصائص .
إن هذا الكون يحمل دائماً وباستمرار صفاته حدوثه ، تشهد بهذه الحقيقة النظرات العقلية المستندة إلى المشاهدات الحسية ، وتشهد بها أيضاً البحوث العلمية المختلفة في كل مجالات من مجالات المعرفة ، والقوانين العلمية التي توصَّل إليها العلماء الماديون .
وإذا ثبت أن هذا الكون حادث له بداية وله نهاية كان لا بد له من علة تسبب له هذا الحدوث ، لاستحالة تحول العدم نفسه إلى وجود ، أما ما لا يحمل في ذاته صفات تدل على حدوثه فوجوده هو الأصل ، ولذلك فهو لا يحتاج أصلاً إلى موجد يوجده ، وكل تساؤل عن سبب وجوده تساؤل باطل منطقياً ، لأنه أزلي واجب الوجود ، وليس حادثاً حتى يُسأل عن سبب وجوده .
ولو كانت صفات الكون تقتضي أزليته لقلنا فيه كذلك ، لكن صفات الكون المشاهدة والمدروسة تثبت حدوثه .
وهنا تكمن مغالطة الملحد ، إذ أراد أن يجعل الكون أزلياً ، مع أن البراهين تثبت أنه حادث ، وذلك ليتخلص من الضرورة العقلية التي تلزم بالإيمان بوجود خالق لهذا الكون الحادث ، لأن الحدوث من العدم المطلق دون سبب موجود سابق عليه مستحيل عقلاً .
أما البرهان على أن هذا الكون حادث وليس بأزلي فتقدمه لنا الأدلة العقلية الفلسفية القديمة ، والقوانين العلمية الحديثة .
فالأدلة العقلية الفلسفية تثبت لنا حدوث العالم من ظاهرة التغير الملازمة لكل شيء فيه ، وذلك لأن التغير نوع من الحدوث للصورة والهيئة والصفات ، وهذا الحدوث لا بد له من عل ، وتسلسلاً مع العلل للمتغيرات الأولى ، سنصل حتماً إلى نقطة بدء نقرر فيها أن هذا الكون له بداية ، في صفاته وأعراضه ، وفي ذاته ومادته الأولى ، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لا بد أن نقرر أن خالقاً أزلياً لا يمكن أن يتصف بصفات تقتضي حدوثه ، وهذا الخالق هو الذي خلق هذا الكون وأمده بالصفات التي هو عليها .
وحين لا يُسلِّم بمثل هذه الأدلة الفلسفية العقلية طائفة المفتونين بالعلوم الحديثة وقوانينها ومنجزاتها ، فإننا نأتيهم بأدلة من هذه العلوم وقوانينها تثبت حدوث هذا الكون .
اكتشف العلم الحديث القانون الثاني للحرارة الديناميكية ، وهو القانون يسمون (قانون الطاقة المتاحة) أو يسمونه (ضابط التغير).
وهذا القانون يثبت أنه لا يمكن أن يكون وجود الكون أزلياً ، إذ هو يفيد تناقص عمل الكون يوماً بعد يوم ، ولا بد من وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات ، وحينئذ لا تبقى أية طاقة مفيدة للحياة والعمل ، وتنتهي العمليات الكيميائية والطبيعية ، وبذلك تنتهي الحياة .
يذكر هذا التحقيق العلمي عالم أمريكي في علم الحيوان ، هو (إدوارد لوثر كيسل) ثم يقول :
"وهكذا أثبتت البحوث العلمية دون قصد أن لهذا الكون بداية ، فأثبتت تلقائياً وجود الإله ، لأن كل شيء ذي بداية لا يمكن أن يبتدئ بذاته ، ولا بد أن يحتاج إلى المحرك الأولى الخالق الإله".
ونجد مثل هذا في كلام (السير جيمس) إذ يقول في كلام له:
"تؤمن العلوم الحديثة بأن (عملية تغير الحرارة) سوف تستمر حتى تنتهي طاقاتها كلية ، ولم تصل هذه العملية حتى الآن إلى آخر درجاتها ، لأنه لو حدث شيء مثل هذا لما كنا الآن موجودين على ظهر الأرض حتى نفكر فيها ، إن هذه العملية تتقدم بسرعة مع الزمن ، ومن ثم لا بد لها من بداية ، ولا بد أنه قد حدثت عملية في الكون يمكن أن نسميها (خلقاً في وقت ما) حيث لا يمكن أن يكون هذا الكون أزلياً".
فحدوث هذا الكون أمر معترف به عند العلماء الماديين ، ولكن الملحدين بالله يغالطون في الحقائق ، ويتظاهرون بالانتماء إلى قافلة العلم والبحث العلمي زوراً وبهتاناً ، ليحتموا بحماها .
ورغم هذه الحقيقة التي ثبت بها حدوث الكون لدى العلماء الماديين نرى الناقد (العظم) يحاول أن يسوّي بين الله والكون المادي في موضوع الأزلية ، ليتوصل من ذلك إلى التمويه بأن الكون أزلي أو لا ندري علة وجوده ، كما أن المؤمنين بالله يرون أن الله أزلي ، أو لايدرون علة وجود الله .
ومن هذا نلاحظ أنه أقام كلامه على المغالطة ، إذ سوّى في الحكم بين الحادث والأزلي ، فزعم أن الحادث أزلي وأن الأزلي حادث ، مع أن العلم والعقل يكذبانه ويعريان مغالطته .
على أن ادِّعاءه أن المؤمن بالله لا يدري علة وجود الله مغالطة في الحقيقة أيضاً.
فمن أصله الوجود ، ووجود أزلي ، فإنه لا يحتاج إلى علة لوجوده ، إذ السؤال عن هذه العلة أمر مخالف للمنطق السليم ، أو عبث من العبث ، أو مغالطة قائمة على الإيهام بأنه حادث غير أزلي .
وهنا يطرح الملحدون على عوام المسلمين مغالطة في سوق الدليل على وجود الله ، فيقولون لهم : ألستم تقولون : إن كل موجود لا بد له من موجد ، وإن هذا الكون موجود فلا بد له من موجد ، وذلك هو الله تعالى؟
فيقول له العامي الذي لا يعرف أصول المغالطات : بلى . عندئذ يستدرجه الملحد فيقول له : الله موجود وهو على حسب الدليل لا بد له من موجد ، فيجد العامي نفسه قد انقطع إذ لم يستطع جواباً .
لكن الخبير لا يقبل أصلاً صيغة الدليل على هذا الوجه القائم على المغالطة .
وذلك لأن المقدمة (كل موجود لا بد له من موجد) مقدمة كاذبة غير صحيحة ، فالخبير لا يسلم بها لفسادها ، وإنما يقول بدلها : (كل موجد حادث لم يكن ثم كان لا بد لهم من محدث) ، ثم يقول : (وهذا الكون موجود حادث لم يكن ثم كان بشهادة العقل وبشهادة البحوث العلمية) عندئذٍ تتحصل النتيجة على الوجه التالي : (إذن فلا بد لهذا الكون من محدث) ، وهذا المحدث للكون لا بد أن يكون موجوداً أزلياً غير حادث ، ولا بد أن يكون منزهاً عن كل الصفات التي يلزم منها حدوثه ، حتى لا يحتاج إلى موجد يوجده ، بمقتضى الدليل الذي أثبتنا فيه وجود الله .
فمغالطة الملحد في المقدمة التي أوهم بها قائمة على التعميم ، إذ وضع (كل موجود) بدل (كل موجود حادث) ، ومعلوم أن عبارة (موجود) تشمل الموجود الأزلي والموجود الحادث .
وهكذا تجري مغالطات الملحدين ، ليتصيدوا بها الجهلة والغافلين من المسلمين ، بغية استدراجهم وإحراجهم ، ونقلهم من مرحلة الإيمان إلى مرحلة التشكك .
فالمؤمن إذن يعلم أن الخالق موجود أزلي ليس له من الصفات ما يلزم منها حدوثه ، ووجوده هو الأصل ، فلا يسأل عن علة وجوده عند العقلاء أصلاً ، والسؤال عن علة وجوده أمر مخالف للحقيقة العلمية المنطقية التي انتهينا إليها .
وكما لا يُسأل عمّا أصله العدم : ما هي علة عدمه؟ لأن مثل هذا السؤال لا يرد إلا على افتراض أن أصله الوجود ، وهذا يناقش أن أصله العدم ، كذلك ما أصله الوجود لا يُسأل عن علة وجوده ولا يبحث عنها ، لأن أي سؤال أو بحث عنها لا يكون إلا على افتراض أن أصله العدم ، وبهذه العلة تحول من العدم إلى الوجود ، لكن هذا الافتراض مرفوض ابتداءً ، باعتبار أن أصله الوجود .
وبهذا يتضح لنا تماماً أنه لا يُسال ولا يبحث عن علة وجود ما الأصل فيه الوجود .
وبهذا أيضاً تسقط المغالطة التي طرحها الملحد في مناقشته ، ويظهر فساد تسويته بين الكون الحادث وبين الخالق الأزلي . وحينما نطالبه بعلة وجود الحادث وهو الكون فليس من حقه المنطقي أن يطالبنا بعلة وجود الله الأزلي .
وليس من حق الملحد أن ينكر الوجود الأزلي كله ما دام الواقع يكذبه ، والبراهين العلمية تهزأ به ، لأنه لو لم يكن في الوجود موجود أزلي لاستحال أن يوجد شيء في هذا الكون ، لأن الافتراض على هذا يقوم على أساس العدم المطلق .
وهل يتحول العدم المطلق بنفسه إلى وجود؟
هذا من المستحيلات البدهية ، ولا يقبله عقل فيه مثقال ذرة من تفكير منطقي سليم .
إن هذا الكون الذي نحن جزء منه موجود حادث ذو بداية ، وكل ذي بداية لا بد له من علة كانت السبب في وجوده ، وإيجاده قد كان عملية من عمليات الخلق ، وعملية الخلق إنما تتم بخالق قادر ، وهذا الخالق القادر لا بد أن يكون أزلياً ، ولا بد أن يكون متحلياً بالكمال المطلق ، هذه هي عقيدة المؤمنين بالله .
وهكذا وضحت لنا مغالطات العظم في هذا المجال .
فأين الأمانة الفكرية التي يغار عليها ؟
هل هذا هو المنهج العلمي المتقدم؟ أفي المناهج العلمية المتقدمة بناء الأحكام على المغالطات والأكاذيب؟
ولكن ماذا يفعل المبطلون غير هذا لدعم باطلهم؟
جنّد الناقد (د. العظم) كل ما لديه ولدى سادته من أفكار ومغالطات ، ليثبت وجود التناقض بين الدين والعلم ، وليعتبر هذا التناقض حقيقة مقررة ، بغية التوصل من ذلك إلى إنكار الدين كله ، باعتباره مناقضاً للعمل حسب فريته القائمة على المغالطات والتمويهات .
قال في الصفحة (25) من كتابه:
"ولنلمس طبيعة هذا الفارق بين النظرة الدينية القديمة وبين النظرة العلمية التي حلت محلها ، سنوجه انتباهنا إلى مثال محدد يبين بجلاء كيف يقودنا البحث العلمي إلى قناعات وتعليلات تتنافى مع المعتقدات والتعليلات الدينية السائدة ، مما يضطرنا إلى الاختيار بينهما اختياراً حاسماً ونهائياً".
ثم أتى بالمثال الذي زعم أنه يدعم كلامه فقال:
" لا شك أن القارئ يعرف التعليل الإسلامي التقليدي لطبيعة الكون ونشأته ومصيره:
خلق الله هذا الكون في فترة معينة من الزمن ، بقوله : كن فكان ، ولا شك أنه يذكر حادثة طرد آدم وحواء من الجنة ، تلك الحادثة التي بدأ بها تاريخ الإنسان على هذا الأرض .ومن صلب المعتقدات الدينية أن الله يرعى مخلوقاته بعنايته وهو يسمع صلواتنا وأحياناً يستجيب لدعائنا ، ويتدخل من وقت لآخر في نظام الطبيعة فتكون المعجزات ، أما الطبيعة فقد حافظت على سماتها الأساسية منذ أن خلقها الله ، أي : إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها ".
ثم يقول في معارضة ما جاء في الدين:
" أما النظرة العلمية حول الموضوع ذاته فلا تعترف بالخلق من لا شيء ، ولا تقر بأن الطبيعة كانت منذ البداية كما هي عليه الآن ".
في هذا الكلام الذي أورده كذب على الدين ، ومغالطة في الحقيقة ، وتمويهات بذكر بعض أمور هي من الدين ، أوردها ليغشي بها على نظر القارئ ، فلا يبصر مواطن الافتراءات ، ومزالق المغالطات .
لقد أدخل فكرة لا يعترف بها الدين أصلاً ، ضمن عرضه لطائفة من المفاهيم والعقائد الدينية الصحيحة ، ليضلل القارئ بالإيهام الذي اصطنعه له ، وليجعله يعتقد أن هذه الفكرة الدخيلة هي فعلاً من المفاهيم الدينية ، ما دامت قد وردت ضمن مجموعة مفاهيم صحيحة يعرفها هو عن الدين .
لقد زعم أن الإسلام يرى أن الطبيعة قد حافظت على سماتها منذ أن خلقها الله ، أي : إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها .
مع أن هذا افتراء صريح على الدين ، تكذبه بالنصوص القرآنية ، ولست أدري من أين جاء بهذه المفاهيم فألصقها الدين؟
لما تحدث القرآن عن فئة الحيوانات التي خلقها الله لركوب الإنسان ، وليتخذها زينة له ، ألحقها بقوله تعالى : {ويخلق ما لا تعلمون} بصيغة الفعل المضارع التي تدل على الحال والاستقبال ، للدلالة على أن عمليات التجديد في الخلق الرباني للأشياء مستمرة غير منقطعة ، قال الله تبارك وتعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول):
{خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.
أليس في هذا إعلاناً صريحاً مخالفاً لما زعم (د. العظم) من أن الدين يقرر أن الطبيعة قد حافظت على سماتها من أن خلقها الله .
وبالنسبة إلى الأجرام السماوية لا نجد في النصوص الإسلامية ما يدل على هذا الذي افتراه (العظم) على المفاهيم الإسلامية ، بل في النصوص ما يدل على خلاف ذلك ، قال الله تعالى في سورة (الذاريات/51 مصحف/67 نزول):
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}.
فكلمة (موسعون) في الآية تشير إلى أعمال التوسعة المتجددة في السماء ، وذلك لأن هذه الكلمة من صيغ اسم الفاعل ، صيغة اسم الفاعل بقوة المضارع من جهة الدلالة ، هي للتعبير عن الحال أولاً ثم عن الاستقبال .
أفلا نجد أن الأمانة الفكرية التي تظاهر (د. العظم) بالغيرة عليها ذبيحة بسكين غَدرِه ، وختلة ومخادعته ، ومغالطاته ، وافتراءاته؟ ومثله سائر الملحدين .
لقد غدا معروفاً تماماً أنهم يطلقون بعض العبارات الشريفة للتضليل فقط ، وهم لا يلتزمون أي مضمون من مضامينها الصحيحة .
أما قوله : إن النظرية العلمية لا تعترف بالخلق من لا شيء .
فهو يُشيرُ بهذا إلى نظرية (لافوازيه) التي تقول: لا يخلق شيء من العدم المطلق ولا يعدم شيء وإنما هي تحولات من مادة لطاقة ، أو من طاقة لمادة ، أو من مادة لمادة .
وحين ندقق النظر في أصول ما قرره (لافوازيه) نجد أنها تتحدث عن مجال معين ذي أبعاد ، وليس في مستطاعها أن تتحدث عن كل الوجود في كل أبعاده من الأزل إلى الأبد ، فهذا أمر لا تستطيع تقريره أية نظرية استقرائية مهما بلغ شأنها ، إلا أن يكون كلامها رجماً بالغيب ، وتكهناً لا سند له ، وطرحاً تخيلياً محضاً.
وأبعاد نظرية (لافوازيه) هذه ثلاثة:
الأول : البعد الزمني .
الثاني : البعد المكاني .
الثالث : البعد الإدراكي .
وهنا نتساءل : هل رصد واضعو هذه النظرية العلمية ومقرروها أجزاء الكون في كل الأزمان ، بما فيها الأزمان السحيقة في القدم ، وعرفوا منها أنه لم يخلق في الأزمان القديمة جداً شيء من العدم؟
والجواب: أنهم لم يفعلوا ذلك لأنه لا يتسنى لهم بحال من الأحوال ، وهم أبناء النهضة العلمية الحديثة ، على أن الأدلة العلمية التي سبق بيانها قد أثبتت أن لهذا الكون بداية ، وهذا يعني أنه لم يكن ثم كان ، فهو إذن مخلوق من العدم ، بقدرة خالق موجود أزلي .
فهذه النظرية لا تتحدث عن الانطلاقة الأولى للكون ، لأن أياً من الأجهزة العلمية لا تستطيع أن تسترجع الأزمان السحيقة وترصد الكون فيها ، وكذلك لا تستطيع النظرات التحليلية الاستنتاجية أن تحكم على ماضي الكون وانطلاقته الأولى ، بالقياس على واقعه النظامي الذي نشاهده في الحاضر ، لاحتمال الاختلاف البيِّن بين نقطة البدء وبين ما يأتي بعدها من حالات نظامية مستمرة .
فنظرية (لافوازيه) لا تتناول بحال من الأحوال الزمن الأول لبداية الكون ، ومجالها يأتي في الأزمان التي يترجح فيها قيام النظام الكوني الذي درسته هذه النظرية ، وبهذا يتبين لنا أن التعميم الزمني فيها الشامل لكل أزمان الماضي غير صحيح .
ثم نتساءل ثانياً : هل رصد واضعو هذه النظرية العلمية ومقرروها أجزاء الكون في مستقبل ما يأتي من الأزمان ، وثبت لهم من رصدهم أنه لا يمكن أن يخلق شيء من العدم ، ولا يمكن أن يعدم شيء موجود؟
ولكن كيف يتسنى لهم رصد المستقبل وهم لا يملكون استقدامه؟ جلُّ ما يملكونه قياس المستقبل على الحاضر والماضي ، بشرط استمرار نظام الكون القائم ، ولا يستطيعون أن يحكموا على الكون بأنه لا يمكن أن يتغير نظامه الكلي ، فتأتيه حالة من الحالات يمسي فيها عدماً ، أو تنعدم بعض أجزاء منه ، أو تضاف إليه أجزاء لم تكن هيئتها ولا مادتها فيه ، فهذا حكم لا سبيل إليه ، إنه حكم مجهول ، والحكم على المجهول باطل .
فنظرية (لافوازيه) تنطبق على هذا الكون بشرط استمرار نظامه القائم ، وهي لا تحكم على المستقبل حكماً قاطعاً باستحالة تغير هذا النظام ، ولكن ما دام هذا النظام الكوني قائماً ، فإن ضابطه أن جميع ما يجري من مدركات فيه إنما هو من قبيل التحولات ، وبهذا يتبين لنا أن التعميم الزمني فيها الشامل لكل أزمان المستقبل غير صحيح .
هذا ما يتعلق بتحديد البعد الزمني للنظرية ، أما تحديد البعد المكاني لها فنقول فيه:
هل رصد واضعو هذه النظرية ومقرروها هذا الكون في كل أبعاده المكانية؟
ألا يحتمل وجود مكان سحيق فيه لم يرصدوه ولم يعرفوا ما فيه؟
أفيحكمون عليه إذن حكماً غيابياً قياساً على ما رصدوه منه في الأمكنة التي استطاعت أن تبلغ إلى مداها أجهزتهم وملاحظاتهم؟
إن هذا الحكم الغيابي مع جهالة الخصائص والصفات حكم باطل ، وهذا طبعاً لا يعني ضرورة مخالفة الغائب للحاضر ، ولكن لا يعني أيضاً لزوم موافقته .
فلا بد إذن من تحديد مكان النظرية بالأبعاد المكانية التي كانت مجال الملاحظة والقياس والأجهزة ، مع التجاوز بصحة قياس ما شابهها عليها ، مما لم يخضع للملاحظة المباشرة .
وهكذا يظهر لنا تحديد البعد المكاني لهذه النظرية ، وهو أمر تقتضيه الدراسة المنطقية الحيادية ، وتوجيه الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة ، وهذا هو الأمر الذي يتظاهر (د. العظم) بالتحمس له ، وبالغيرة عليه .
أما تحديد البعد الإدراكي للنظرية فيتلخص بأن النظرية قد اعتمدت على ملاحظة عالم الشهادة من الكون المنظور المدرك ، أما عالم الغيب الذي لا تصل إليه الإدراكات الإنسانية المباشرة أو عن طريق الأجهزة ، فهو عالم خارج بطبيعته عن مجال النظرية ، لذلك فإنها لا تستطيع أن تحكم عليه ، لأن حكمهما عليه هو من قبيل الحكم على الغائب المجهول في ذاته وفي صفاته . جُلُّ ما تستطيعه النظريات في هذا المجال هي أن تعلق أحكامها تعليقاً كلياً ، أو تصدر أحكاماً مشروطة احتمالية غير جازمة ، وهذا ما تقتضيه الدراسة العلمية المنطقية الحيادية ، وتوجبه الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة .
وهكذا ظهر لنا أن نظرية (لافوازيه) لم تتناول من الكون إلا مقطعاً محدود الأبعاد الثلاثة : البعد الزماني ، والبعد المكاني ، والبعد الإدراكي ، وهذا المقطع هو مجال ملاحظتها.
يضاف إلى كل ذلك أن وجود الحياة في المادة لم يقترن بأي دليل تجريبي يثبت تحول المادة غير الحية إلى مادة حية ، عن طريق التولد الذاتي ، رغم كل التجارب العلمية التي قامت في عالم البحث العلمي حتى الآن .
لذلك نلاحظ أن الآراء العلمية في هذا المجال ترجع إلى أصول ثلاثة كبرى:
* الرأي الأول منها :
ما قرره (أغاسيز) في كتابه (تصنيف العضويات) سنة (1858م) إذ قرر أن كل نوع من الأنواع خلق بفعل خاص من أفعال القوة الخالقة ، و(باستور) مكتشف جراثيم الأمراض على هذا الرأي .
والقائلون بهذا الرأي قد استقر مذهبهم على "أن كل حي لا بد أن يتولد من حي مثله" .
* الرأي الثاني :
الرأي الذي قال به (هيرمان أبير هارد ريختر) إذ رأى أن الفراغ الذي نراه مملوءاً بجراثيم الصورة الحية ، كالجواهر الفردة التي تتكون منها المادة الصماء ، كلامهما في تجدد مستمر ، ولا يتطرق لهما العدم ، وبنى قاعدته في أصل الحياة على "أن كل حي أبدي ، ولا يتولد إلا من خلية".
وهذا الرأي يتضمن أن تطورات المادة من المادة ، وتطورات الحياة من الحياة .
* الرأي الثالث :
هو ما ذهب إليه الماديون من أن الحياة نشأت من المادة بالتولد الذاتي . وليس لهذا الرأي أي شاهد تجريبي ، أو مستند عقلي ، وقال بهذا الرأي الدكتور (باستيان) في إنكلترا ، والأستاذ (هيكِل) في ألمانيا .
بعد هذه النظرات العلمية المنطقية لنظرية (لافوازيه) وما يتعلق بها ، يعترضنا سؤال حول النصوص الدينية ، إذ نجد فيها استعمال كلمة (الخلق) ومشتقاتها بالنسبة إلى الأحداث والتغيرات التي توجد داخل مجال النظرية المذكورة ، وداخل المقطع المحدود الأبعاد الثلاثة الذي هو محل تطبيقها ، أفلا يعتبر استعمال كلمة (الخلق) ومشتقاتها في مجال تطبيق نظرية (لافوازيه) مناقضاً أو معارضاً لمضمون هذه النظرية؟
وأمام هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى استعمال كلمة (الخلق) ومشتقاتها في اللغة العربية وفي نصوص الشريعة الإسلامية.
ولقد رجعنا فوجدنا أن هذه المادة اللغوية لا تعني دائماً الإيجاد من العدم المطلق ،بل كثيراً ما تستعمل مراداً منها التحويل في الصفات والعناصر التركيبية من حال إلى حال ، ومن وضع إلى وضع ، ومن هيئة إلى هيئة ، ومن خصائص إلى خصائص ، دون زيادة شيء على المادة الأولى من العدم المطلق ، وفي حدود هذا الاستعمال نجد قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ من طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ}.
ففي كل صور الخلق هذه نشاهد عمليات التحويل من وضع إلى وضع ، ومن حال إلى حال ، ومن صورة إلى صورة ، ومن خصائص إلى خصائص ، وقد أطلق على هذه التحويلات أنها خلق ، باعتبار أن القدرة الربانية هي المتصرفة في كل هذه التحويلات .
وجاء في القرآن إطلاق الخلق على تغيير هيئة الطين وجعله على صورة طير ، نظراً إلى أن الخلق لا يستدعي دائماً أن يكون إيجاداً من العدم ، وذلك في قول الله لعيسى عليه السلام كما جاء في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول):
{وَإِذْ