الأمريكية هدى دورج عن NEW MUSLIMS
في بعض الأحيان أشعر بالحزن لأني لم أولد مسلمة منذ البداية فأكون مسلمة طوال حياتي .
أغبط هؤلاء الذين ولدوا مسلمين ، وأشعر بالأسى على من لا يقدرون هذه النعمة .
ولدت من أب بروتستانتي وأم كاثوليكية ، لم يكن أبي من نشطاء الكنيسة ، بينما حاولت أمي أن تنشئـني على الكاثوليكية .
أصبحت عضوة نشطة في هذه الكنيسة ، وعندما أصبحت في الصف السادس الابتدائي بدأت أقوم برعاية الأطفال الصغار في أثناء الصلاة ، وفي الصف التاسع أصبحت معاونة لزوجة القس في مدرسة الأحد .
في المرحلة الثانوية أسست مجموعة شبيبة كنسية وذلك بتجنيدي أربعة من أصدقائي .
كنت أجلس مع صديقاتي نحاول الإجابة عن بعض الأسئلة : لماذا أراد إلهنا الرحيم المحب التضحية بدم المسيح عليه السلام ليغفر للناس ذنوبهم ؟ لماذا نحن جميعنا مذنبون بسبب خطيئة ارتكبها أبونا آدم عليه السلام ؟ لماذا كلام الإنجيل لا يتفق مع الحقائق العلمية ؟ كيف يمكن للمسيح أن يكون إلها ؟ كيف يمكن لثلاثة آلهة أن يكونوا ثلاثة أشخاص مختلفين في شخص واحد ؟ بحثنا في هذه المسائل كثيراً لكننا لم نصل إلى أي إجابات شافية ، ولم تستطع الكنيسة أيضا أن تعطينا إجابات مقنعة ، كانوا فقط يقولون : كن مؤمنا .
عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري حصلت على أول عمل لي ، وكان في محل لبيع المثلجات ، وكنت أرسل خمسة وعشرين دولارا من راتبي لبرنامج يدعى " مشروع الأبوين بالتنشئة " وكان هذا البرنامج يربط بين الأطفال المحتاجين في ما وراء البحار ، مع مانحيهم الأمريكيين ، وخلال الأربعة الأخيرة من أعوامي المدرسية كانت منحتي تذهب إلى غلام مصري يتيم اسمه شريف ، وكنا نتبادل الرسائل ، كانت لديه أخت في سني واخوان ، وأمه كانت مريضة لم تستطع العمل ، وأذكر حين جاءتني منه رسالة – وكنت في السادسة عشرة من عمري – يصف فيها بفرح خطبة أخته ، فقلت في نفسي : إنها في سني وقد خطبت ، بدا لي هذا غريباً جداً ، وهكذا كانت هذه أول علاقة لي بالمسلمين .
علاقتي الثانية بالمسلمين نشأت حينما تطوعت في سان فرانسيسكو لتعليم اللغة الإنجليزية لبعض النساء اللاجئات ، وفي صفي كانت فاطمة وميسون : أرملتان مسلمتان صينيتان من فيتنام .
بعد ذلك كنت ألتقي مجموعة من الطلاب الأجانب في " مجموعة المحادثة " كان هناك خمسة أعضاء في مجموعتي ، ومن بينهم كـان " فارس " وهو شاب فلسطيني ، كنا نلتقي مرتين أسبوعيا في فترة الغداء ليتمرنوا على المحادثة الإنجليزية ، وكنا نتحدث عن عائلاتنا ودراستنا وطفولتنا ، وعن الفروق الاجتماعية .. وحين كنت أستمع لفارس يتحدث عن حياته وعائلته وعن دينه ، كان وكأنه يعزف على وتر من أوتار قلبي ، فتذكرت شريف وفاطمة وميسون ، كان دينهم غريبا عني ، ومناقضا لثقافتي ، ولذلك لم أحاول مطلقا أن أدرسه ، ولكني كلما تعلمت شيئا عن الإسلام كنت أصبح أكثر اهتماما بأنه يمكن أن يكون طريقتي في الحياة .
خلال الفصل الدراسي الثاني سجلت في حصة في قسم دراسة الأديان كانت " مقدمة عن الإسلام " هذه الأسئلة أعادت إلى ذهني كل الأسئلة التي كنت أطرحها حول المسيحية ، ومن خلال دراستي للإسلام وجدت إجابات عن جميع أسئلتي ، فلسنا جميعا معاقبين بخطيئة آدم عليه السلام ، فقد سأل آدم ربه الغفران فغفر له الغفور الرحيم ، والله سبحانه لم يضح بدم المسيح عليه السلام مقابل الخطيئة وأن المسيح عليه السلام لم يكن إلهاً ، بل كان رسولا لله مثل غيره من الرسل حملوا دوماً رسالة التوحيد .
لقد وجدت أن هذا يضع كل شئ في مكانه الصحيح ، وأنه يروق لقلبي وعقلي ، ولم يكن مربكاً ، لقد وجدت مكاناً أريح فيه إيماني ، لقد وجدت ما كنت أبحث عنه .
عدت إلى منزلي واستمرت دراستي للإسلام ، فقرأت بعض الكتب في المكتبة ، وتحدثت مع أصدقائي عن ذلك ، لقد كانوا مثلي يبحثون هم أيضا ، لقد تفهموا بحثي ، وكانوا سعداء بأنني وجدت أخيراً ما أومن به ، لكنهم مع ذك أثاروا أسئلة حول كيفية تأثير الإسلام في حياتي باعتباري امرأة متحررة من كاليفورنيا ، وماذا عن عائلتي وموقفها ؟ .. الخ .
استمرت دراستي للإسلام ، وكنت أدعو الله وأنا أبحث في روحي لأرى كم أنا مرتاحة بالإسلام .
بحثت عن مراكز إسلامية في منطقتي ، لكن أقرب مركز إسلامي كان في سان فرانسيسكو ، ولم أستطع الذهاب إلى هناك ، فلم أكن أملك سيارة ، وكانت مواعيد حافلات النقل لا تتفق مع مواعيد عملي ، لذلك أكملت البحث وحدي .
أذكر مرة ، حين كنت مع أسرتي نشاهد أحد البرامج الثقافية على التلفاز ، وكان عن الإسكيمو ، قالوا إن الإسكيموا لديهم مئتا كلمة أو اسم للثلج ، لأن الثلج يشكل جزءا كبيرا من حياتهم ، وفي وقت لاحق من تلك الليلة تحدثنا كيف أن اللغات المختلفة تعبر عن الأشياء المهمة للشعوب بكلمات كثيرة ، وذكر أبي كيف أن الأمريكيين يستخدمون كلمات كثيرة للتعبير عن النقود ، فعلقت قائلة : هل تعلمون أن لدى المسلمين تسعة وتسعين اسما لله تعالى ، لذلك أعتقد أنه سبحانه هو الأهم في حياتهم .
عدت في نهاية الصيف إلى جامعتي ، وأول شئ فعلته أنني اتصلت بالمسجد في بورتلاند وطلبت اسم امرأة أستطيع التحدث معها ، فأعطوني اسم أخت مسلمة أمريكية ، وفي الأسبوع نفسه زرتها في بيتها ، وبعد برهة من حديثنا أدركت أنني كنت مؤمنة حقاً .
أخبرتها " أختي هذه " أني فقط كنت أبحث عمن يساعدني في الخطوات العملية لتطبيق الإسلام ، فمثلا : كيف أصلي ؟ لقد قرأت ذلك في الكتب لكني لم أكن استطيع أن أتدبر أمري من الكتب وحدها.
دعتني الأخت الأمريكية المسلمة في تلك الليلة لتناول طعام العقيقة لولادة مولود جديد ، لقد شعرت براحة تامة مع الأخوات المسلمات هناك ، فقد كن لي صديقات حميمات .
نطقت بالشهادتين أمامهن ، وعلمتني كيف أصلي ، وحدثتني عن إيمانهن فكثيرات منهن كن أمريكيات مثلي ، لقد غادرت ذلك البيت تلك الليلة ولدي شعور بأنني بدأت لتوي حياة جديدة .
كنت ما أزال أعيش في السكن الداخلي ، وكنت معزولة عن المجتمع المسلم ، وكان علي أن أستقل حافلتين للذهاب إلى المسجد ، وإلى المكان الذي تعيش فيه أخواتي المسلمات ، ولهذا فقد فقدت اتصالي بهن ، وبقيت وحدي أتابع إيماني بنفسي .
صرت أفكر في ارتداء الحجاب ، لكنني كنت خائفة جدا من اتخاذ هذه الخطوة ، إلا أنني بدأت ألبس باحتشام ، وعادة ما كنت أضع وشاحا على كتفي ، وعندما زرت إحدى الأخوات قالت لي : كل ما عليك أن تفعليه هو أن تنقلي الوشاح من كتفيك إلى رأسك .
لم أكن أملك من القوة ما يكفي لارتداء الحجاب ، لقد فهمت معنى الحجاب ، واتفقت مع لبسه ، وأعجبت بالنساء اللواتي كن يرتدينه ، فقد كن يتسمن بالتقوى والنبل ، لكنني كنت أعرف أني إذا ارتديته فإن الناس سيبدأون بطرح الأسئلة ، ولم أكن عندها أملك القدرة على الإجابة عنها .
هذا كله تغير حين حل شهر رمضان المبارك ، ففي أول يوم من أيام رمضان ذهبت إلى الكلية بالحجاب ، والحمد لله ، ولم أخلعه منذ ذلك اليوم ، شئ ما في رمضان جعلني أشعر بالقوة والفخر بأني مسلمة ، وشعرت أنني أستطيع الإجابة عن أي سؤال يطرح علي .
عندما أسلمت أخبرت أسرتي فلم يستغربوا ، لأنهم كانوا يشعرون من خلال أحاديثي عن الإسلام ، بأن هذه اللحظة ستأتي ، تقبلوا قراري وعرفوا أني مخلصة في إيماني ، لكنهم لم يشاركوني في هذا الإيمان ، وحين بدأت ألبس الحجاب أبدوا قلقهم بأن الحجاب يمكن أن يعزلني عنصرياً ، وأنه سيحول دون تحقيق أهدافي في الحياة ، وأنهم سيشعرون بالحرج إذا ما شوهدوا معي في مكان عام ، لقد اعتقدوا أن هذا تصرف متطرف جدا ، لم يمانعوا أن يكون ديني مختلفا ولكنهم لم يرغبوا في أن يغير من مظهري الخارجي .
أصيب أهلي بالإحباط حين علموا أني قررت الزواج من مسلم ، وهو " فارس " الذي كان معي في " مجموعة المحادثة " والشخص الأول الذي أثار في نفسي الاهتمام بالإسلام ،ولقد تزوجنا في السنة الثانية من إسلامي ، صدمت أسرتي بذلك لأنهم ما كادوا يصمتون عن موضوع حجابي حتى شعروا بأني ألقيت عليهم عبئا آخر ، فادعوا بأني ما زلت صغيرة ، وأنني سأهجر أهدافي في الحياة ، وسأترك الكلية .
لقد خشي أهلي بزواجي أن أصبح أماً صغيرة السن ، وأنني بهذا سأحطم حياتي .
لقد أعجبهم زوجي ، مع أنهم لم يثقوا به في البداية ، فقد حسبوا أنه تزوجني من أجل " البطاقة الخضراء " ( Green Cart ) .
تخاصمت مع أهلي عدة شهور حتى ظننت أن صلتي بهم لن تتحسن أبدا .
كان هذا قبل ثلاثة أعوام ، ومن ذلك الحين تغيرت أشياء كثيرة ، فزوجي فارس انتقل إلى كروفاليس – أوريجون – جامعة ولاية أوريجون ، ونحن نعيش وسط مجتمع مسلم قوي الترابط ، وأنا أنهيت دراستي في قسم " تطور الطفل " بامتياز مع مرتبة الشرف .
عملت في عدة وظائف ، ولم تكن لدي مشكلة على الإطلاق بخصوص حجابي ، وما زلت ناشطة في المجتمع ، وأقوم بأعمال تطوعية .
سينهي زوجي دراسته في الهندسة الإلكترونية هذا العام .
قمنا بزيارة أهلي مرتين هذا العام .
قابل والداي فارس هذا الصيف للمرة الأولى ، وحصلنا منهما على هدية ثمينة .
أتعلم اللغة العربية لأضيفها إلى اللغات التي أتقن الحديث بها .
رأت أسرتي ذلك كله وأدركت أني لم أحطم حياتي ، لقد رأوا كيف أن الإسلام منحني السعادة .. وليس الألم والندم ، إنهم الآن فخورون بإنجازاتي ، ويستطيعون أن يروا كم أنا سعيدة حقاً ، وأعيش في طمأنينة ، علاقتنا عادت طبيعية ، وهم الآن ينتظرون زيارتنا دائما .
أشكر الله تعالى شكرا عظيما على ما هداني ووفقني إليه ، وأنا أشعر ببركة عظيمة في كل شئ .
يبدوا لي أن ما سبق من حياتي يتناسق بعضه مع بعض ليشكل صورة متكاملة تمثل طريقي إلى الإسلام .
{ قل اندعو من دون الله ماالصفحات [1] [ 2]