ألم يذكر كاتب سفر الخروج 40 : 12 أن الرب غفر لهارون خطأه ، وأمربجعله وذريته كهنة على بني اسرائيل وقد جاء في سفر اخبار الايام الثاني [ 7 : 14 ] : (( فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِيالَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْطُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُخَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.))
أليس يسوع هو الذي علمكم أن تصلوا إلى الله قائلين : (( وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَإِلَيْنَا ! )) [ متى 6 : 12 ]
وقد قال داود في صلواته : ((إنْ كُنْتَ يَارَبُّ تَتَرَصَّدُ الآثَامَ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ فِي مَحْضَرِك َ؟ وَلأَنَّكَ مَصْدَرُ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَهَابُونَكَ)) [ مزمور 130 : 3 ] .
إن الغفران الذي يتم للخاطىء بالقصاص من إنسان نيابة عنه ليسبالغفران على الإطلاق . إن الله يقدر ويقضي بالمغفرة لأولئك الذين يبدو صلاحهم حقاًوأولئك الذين تنحوا كليةً عن خطاياهم وأصلحوا أنفسهم دون قصاص منهم أو من إنساننيابة عنهم إن الله يقدر ويقضي بغفران جميع سقطاتهم وذنوبهم . وهذا القضاء وتلكالقدرة ليس ضد العدالة . وفي الواقع هذا هو الغفران الحقيقي وحده .
إن فكرة الاستعاضة أو التضحية النيابية فكرة غير منطقية ولا معنىلها وهي أشبه ما تكون بطبيب يحطم رأسه ليشفي صداع المرضى لديه .
إن مبدأ الكفارة أو التضحية تجعل الأقنوم الأول في الثالوث المقدسالمكذوب متعطشاً لسفك الدم من أجل إظهار التضحية بالذات محبةً للأقنوم الثاني . وللنقد النزيه فإن تضحية الأقنوم الثاني تظهر في غير موضعها وبلا معنى كطلب الأقنومالأول الظالم والمتلذذ بالقسوة .
آرثر ويجالArthur Weigall يضع هذا التعقيب ذا المغزى على مبدأالكفارة فيقول :
نحن لا نقدر أن نقبل المبدأ اللاهوتي الذي من أجل بعض البواعثالغامضة أوجب تضحية استرضائية . إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكليالقدرة وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة . إن الدكتور كرودن الشهير يعتقد أنه من أجلمآرب لهذه التضحية فإن يسوع المسيح قاسى أشد العذاب أوقعها الله قصاصاً عليه . وهذابالطبع وجهة نظر يتقزز منها العقل العصري والتي قد تكون شرط لعقيدة بشعة ليستمنفصلة عن ميول التلذذ بالقسوة للطبيعة البشرية البدائية . وفي الواقع أن هذهالعقيدة دخيلة من مصدر وثني وهي حقا من آثار الوثنية . في الإيمان .
إن المنهج المسيحي للخلاص ليس فقط لا أخلاقياً ولا منطقياً ومعتلًا . بل أيضا لا سند له في كلمات يسوع المسيح . ربما قال يسوع أنه يتعذب من أجل خطاياالناس ، بمعنى أنه من أجل أن يخرجهم من الظلمات إلى النور تجشم النقمة الإلهية علىفاعلي الشر وكانوا سبب تعذيبه ولكن لا يعني هذا أن موته كان تضحية من أجل خطاياالآخرين ، وأن أولئك الذين يؤمنون فقط بدمه المسفوك عنهم ينالون غفران الخطايا .
لقد جاء يسوع المسيح لينقذ الناس من خطاياهم بتعاليمه وحياتهالمثالية في تقوى الله وليس بالموت عمداً من أجلهم على الصليب ومنحهم دمه كفارةلخطاياهم . وعندما جاء شاب إليه يسأله :
( فاحفظ الوصايا ) إنها وفقا لكلام يسوع المسيح هي الطريق إلىالحياة الأبدية . إن الخلاص يمكن الحصول عليه بالإيمان بالله ، والتنحي عن الشروفعل الخير وليس بقبول يسوع المسيح ملعوناً على الخشبة والإيمان بدمه المسفوك كفارةلخطايا الجنس البشري .
إن عقيدة الكفارة مختلة للأسباب كثيرة :
1.أن الإنسان لم يولد بالخطيئة .
2.إن الله لم يطلب ثمناً ليغفر للخطاة .
3.إن فكرة الاستعاضة أو الذبيحة العوضية ظالمة وقاسية .
4.وإن خطيئة الإنسان لا تؤذي الله بل تؤذي الإنسان ذاته وفي الحديثالقدسي يقول الرب تبارك وتعالى :
(( يا عبادي : إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي : إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني .يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا .))
إن وصمة الخطيئة في أنفسنا يمكن محوها ليس بعذاب أو بموت أي إنسانآخر سواء كان الأخير راضيا أو غير راض ، ولكن بتوبتنا الشخصية والابتعاد كلية عنفعل الشر ، والمثابرة على فعل الخير .
وهكذا ، عندما عصى آدم ربه ، ندم وتاب وأذعن ذاته كلية لله ، فإنخطيئته قد غفرت ، فلا توريث لخطيئة آدم لأولاده ، ولا تتطلب عذاب الموت ليسوعالمسيح للمغفرة ، والحقيقة أن يسوع المسيح لم يمت على الصليب علىالإطلاق إن عقيدةالكفارة– الفداء– إنماهي انتهاك لعدالة الله ورحمته .
إن الإسلام يرفض هذه العقيدة ويدحضها . فهو يعلن أن مغفرة الخطايالا يمكن الحصول عليها بعذاب وتضحية لأي إنسان آخر . بشرياً كان أم إلهياً ، ولكنالمغفرة تتم بنعمة الله وإخلاصنا نحن ومثابرتنا ومساعينا لمقاومة الشر ولعمل الخيروالإحسان . وفي هذا يقول الله سبحانه :