:p>
ويعلق الأستاذ محمد مجدي مرجان على قول يس منصور هذا بقوله – متهكماً - :
" يعني كاتبنا ( الألمعي ! ) أن نقوم بتوزيع أسماء وصفات الله الحسنى على أفراد الثالوث الإلهي ، بحيث يكون لكل أقنوم أو إله من آلهة الثالوث عدة أسماء وصفات متوافقة مع بعضها ، وأن اختلفت مع أسماء وصفات الإله الآخر . فيكون الله الأب مثلا هو الضار المنتقم ، ويكون الله الابن هو الرؤوف الغفور ، ويكون الله الروح المقدس هو القدوس البار .
وهذا هو عين مذهب الثنوية الذي كان منتشرا في بلاد الفرس القديمة إبان الوثنية ، والذي كان يقسم الآلهة إلى قسمين متعارضين كل إله منها يحمل صفة مناقضة
لصفة الإله الآخر . فهذا إله الخير ، وذلك إله الشر .. وهذا إله الحرب ، وذاك إله السلام .. وهكذا .
لقد أخفق ( يس منصور ) من حيث أراد النجاح ، وهوى من حيث أراد الارتقاء .
ومن حيث المبدأ فالإسلام يبطل التثليث – كما قدمنا – بحجج كثيرة ، ويكفر النصارى باعتقادهم إياه وأعتقادهم ان المسيح هو الله ، فكيف يقال : إن التثليث يمكن أخذه من القرآن ، بينما أن معظم آيات القرآن الكريم إنما جاءت لتأصيل التوحيد في مواجهة الوثنية والثنوية والتثليث ، وغيرها من العقائد الباطـلة ؟
ولا أدرى كيف يدل تعدد أسماء الله الحسنى على التثليث ، وهي ليست ثلاثة أسماء ، بل يبلغ مجموعها عشرات الأسماء ، كما هو معروف ؟ .
والواقع أن عقيدة الإسلام فيما يتعلق بأفعال الله : أنه سبحانه وتعالى فاعل مختار ، أي أنه مريد لأفعاله ، لا تصدر عنه بالإيجاب . ولهذا تعددت أفعاله تبعا لإرادته ، فلم يكن ذا فعل واحد ، أو ذا أفعال لها وجه واحد – كما هي العقيدة الثنوية في أنها تقصر الخير على إله ، والشر على إله آخر – فهو خالق كل شئ في هذا الوجود ، وهو الفعال لما يريد ، يعطي ويمنع ، ويخفض ويرفع ، ويقبض ويبسط ، ويعاقب ويغفر ، ويعز .. وكل ذلك منه سبحانه وتعالى خير وحكمة .
وهكذا تتعدد أفعاله ، وتتعدد صفاته ، وتتعدد أسماؤه . ولا محالة في أن تجمع الذات الإلهية بينهما جميعاً مهما كان بينها من تناقض ، ما دام فعله سبحانه وتعالى لا يجمع بين النقيضين في موضوع واحد ، تتم فيه شروط التناقض .
فأي محال في أن يغفر لهذا ، ويعاقب هذا ؟ بل وأي محال في أن يعاقب إنسانا ، ثم يغفر له بعد ذلك ، ويدخله الجنة ؟
وهكذا يمكننا أن نفهم تعدد أسماء الله الحسنى على اختلاف ما بينها وأن نفهم تعدد أفعاله على اختلاف ما بينها ، ما دام الفعلان المتناقضان لا يتحدان موضوعا ، أو محمولا ، أو زمانا ، أو مكانا .. الخ أي لا يتحدان في النسبة الحكمية بين موضوع الفعل ومحموله .
فالله الفاعل المختار واحد ، يفعل بإرادته كل فعل تقتضيه حكمته ، وليس ذاتا موجبة لأفعال معينة ، وكمالات الفاعل المختار على هذا النحو تبدو في تعدد أسمائه وأفعاله ، وليس في هذا التعدد ما يوجب توزيعها على آلهة متعددة أو على آلهة مختلفة ، لا إلهين اثنين ، ولا آلهة ثلاثة ، ولا أكثر من ذلك . وقيامها بالذات الواحدة أمر مفهوم على نحو ما قدمناه . وهذا هو مقتضى الكمال الإلهي ومقتضى التوحيد .
....................................................
نقلا عن موقع المسيحية فى الميزان