عرض المقال :اشتراط الولي في النكاح لا يقيد حرية المرأة
  الصفحة الرئيسية » مـقـالات الموقـــع » الرد على شبهات حول الإسلام » الرد على شبهات منوعة

اسم المقال : اشتراط الولي في النكاح لا يقيد حرية المرأة
كاتب المقال: admin




اشتراط الولي في النكاح لا يقيد حرية المرأة

 



 من الشبه التي يثيرها أعداء الإسلام ، ويقولون بأنها تنافي حرية المرأة في اختيار من ترضاه زوجاً لها ، اشتراط الولي في النكاح ، فيقولون: إن وجود الولي واشتراطه ، يمنع الفتاة من أن تختار من تريده زوجاً لها بحرية تامة ، بل كثيراً ما يفرض عليها الولي من يرضاه هو ، ويختاره لها زوجاً ، وهذا ينافي أبسط الحقوق.

 



 هذا ملخص الشبهة التي يثيرها أعداء الإسلام ، ويظنون أنهم وجهوا طعنة لا ترد ، ووجدوا ثغرة وثلماً في الإسلام – زعموا – يستطيعون من خلالهما الطعن في عدالته في حق المرأة ، والنيل منه.

 



 ونقول: إن ما زعموه من تحكم الولي بموليته في النكاح ، ليس من الإسلام في شيء ، بل هو تقاليد لبعض المجتمعات الإسلامية ، توارثوها عن آبائهم ، وأعراف تعارفوا عليها ، وبمرور الزمن ، وتعاقب الأجيال وبسبب الجهل بالدين ، أخذت تلك الأعراف والتقاليد طابع الاحترام والتقديس ، وأخيراً أُلصقت بالدين ، والدين منها براء ، وقد أسلفنا الكلام على (رأي المرأة في اختيار زوجها)  وأوضحنا هدي الإسلام في هذا الموضوع ، ودور الولي في هذا الشأن ، وذكرنا ما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وما فهمه السلف منه وطبقوه.

 



 إن الإسلام أعطى للمرأة البالغة العاقلة: بكراً ، أو ثيباً ، كامل الحرية في قبول أو رفض من تقدم لخطبتها ، ولم يجعل لأبيها ، وهو أقرب الناس إليها ، ولا لولي غيره أن يجبرها على من لا ترضاه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيِّم حتى تُستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تُستأذن).

 



 بل وصل الأمر إلى رد الزواج ، وإبطال العقد ، إذا جرى بدون رضاها ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح خنساء بنت خدام ، حين زوَّجها أبوها وهي ثيب من شخص لا تريده ، حيث رد نكاحه.

 



 وخيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتاة بكراً ، زوَّجها أبوها من ابن أخيه ، وهي غير راضية ، خيرها بالإمضاء أو الرد.

 



 ولم يجعل الإسلام للولي حقاً في تزويج موليته ، بغير إذنها ، إلا الأب بالنسبة لابنته الصغيرة غير البالغة ، فقد أجمع أهل العلم من المسلمين على أن للأب – فقط – تزويجها بغير إذنها ، لما روت عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين ، وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين) ، على أن يكون الزوج كفئاً ، لأن الله تعالى أقامه مقامها ناظراً لها فيما فيه الحظ لنفسها ، فلا يجوز له أن يفعل ما لا حظ لها فيه ، ولأنه إذا حرم عليه التصرف في مالها بما لا حظ لها فيه ، ففي نفسها أولى.

 



 وقد جاز للأب فقط تزويج الصغيرة غير البالغة ، لأن عطف الأب وحبه لابنته يدعوانه إلى اختيار الأصلح لها.

 



 لما كانت المرأة عاطفية بطبعها ، مندفعة في تصرفاتها ، يغرّها المظهر ، ولا تسعى إلى معرفة المخبر من الرجل غالباً ، فقد جعل الإسلام للولي حق منع الزواج إذا اختارت لنفسها زوجاً غير كفء لها ولأسرتها ، وذلك لأن المرأة وأسرتها يعيران بالزوج غير الكفء ، ويلحقهما بسببه مذلة وعار ، وليس في هذا ما ينافي حرية المرأة في اختيار من ترضاه ، لكن لكل حرية حدود تنتهي إليها ، فليس لأحد كائناً من كان مطلق الحرية في كل ما يفعل ، بل هناك اعتبارات تجب مراعاتها ، وحدود يُنتهى إليها.

 



 وأيضاً: صيانة المرأة ، وتكريماً لها ، ولما طبعها الله عليه من الحياء ، فقد جعل الإسلام حق تولي العقد ومباشرته للولي ، فلا يصح أن تتولى المرأة مباشرة عقد نكاحها ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) ، وقوله: (لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها).

 



 وروى عكرمة بن خالد قال: جمعت الطريق ركباً ، فجعلت امرأة منهم ثيب أمرها بيد رجل غير ولي ، فأنكحها ، فبلغ ذلك عمر ، فجلد الناكح والمنكح ، ورد نكاحها.

 



 وقد أجيب على من اعترض بالأحاديث الأخرى ، التي يفهم منها أن للمرأة تولي عقد نكاحها بنفسها ، مثل: (الثيب أحق بنفسها من وليها) ، وغيره ، بأن المراد اعتبار الرضى منها ، أما مباشرة العقد ، فهي للولي ، جمعاً بين الأحاديث.

 



 وليس في هذا أيضاً ما يؤثر على حريتها في اختيار زوجها ، ولا ما يمس كرامتها بل العكس هو الصحيح ، فالإسلام ينظر إلى المرأة على أن لها من الكرامة والمنزلة وشفافية الشعور ، ورهافة الحس ، ما جعله ينأى بها عن كل ما يخدش حياءها ، أو يجرح مشاعرها وإحساسها ، لذلك جعل مباشرة عقد النكاح للولي. 

 



فمن مقاصد هذا التشريع الحكيم صيانة المرأة عن أن تباشر بنفسها ما يشعر بوقاحتها ، ورعونتها ، وميلها إلى الرجال ، مما ينافي حال أرباب الصيانة والمروءة.

 



 كما أن المرأة لقلة تجربتها في المجتمع ، وعدم معرفتها شئون الرجال وخفايا أمورهم ، غير مأمونة حين تستبد بالأمر لسرعة انخداعها ، وسهولة اغترارها بالمظاهر البراقة دون ترَوٍّ وتفكير في العواقب ، وقد اشترط إذن الولي مراعاة لمصالحها لأنه أبعد نظراً ، وأوسع خبرة ، وأسلم تقديراً ، وحكمه موضوعي لا دخل فيه للعاطفة أو الهوى ، بل يبنيه على اختيار من يكون أدوم نكاحاً ، وأحسن عشرة.

 



 وكيف لا يكون لوليها سلطان في زواجها وهو الذي سيكون – شاءت أم أبت ، بل شاء هو أو أبى – المرجع في حالة الاختلاف ، وفي حالة فشل الزواج يبوء هو بآثار هذا الفشل ، ويجني ثمرات خطأ فتاته التي تمردت عليه ، وانفردت بتزويج نفسها؟!

 



 إن الهدف من رقابة الولي على اختيار الزوج ليس فقط تسهيل الزواج ، وإنما أيضاً تأمينه وتوفير عوامل الاستقرار له ، ورعاية مصالح الفتاة التي ائتمنه الله عليها ، وإن قصر نظرها عن إدراكها ، ومن هنا كان مبنى الولاية على حسن النظر ، والشفقة ، وذلك معتبر بمظنته ، وهي القرابة ، فأقربهم منها أشفقهم عليها ، وهذا أغلب ما يكون في العَصَبة.

 



 وأيضاً يجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها منه ، وأن يراعي خصال الزوج ، فلا يزوجها ممن ساء خَلقُه أو خُلُقه ، أو ضعف دينه ، أو قصَّر عن القيام بحقها ، فإن النكاح يشبه الرق ، والاحتياط في حقها أهم ، لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها ، والزوج قادر على الطلاق بكل حال.

 



 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

 



وإذا رضيت رجلاً ، وكان كفؤاً لها ، وجب على وليها – كالأخ ثم العم – أن يزوجها به ، فإن عضلها أو امتنع عن تزويجها زوَّجها الولي الأبعد منه أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء ، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤاً باتفاق الأئمة ، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض ، لا لمصلحة المرأة ، ويكرهونها على ذلك ، أو يُخجلونها حتى تفعل ، ويعضلونها عن نكاح من يكون كفؤاً لها لعداوة أو غرض ، وهذا كله من عمل الجاهلية ، والظلم والعدوان ، وهو مما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، واتفق المسلمون على تحريمه ، وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة ، لا في أهوائهم كسائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف لغيره ، فإنه يقصد مصلحة من تصرف له ، لا يقصد هواه ، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدى إلى أهلها فقال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).

 



 ومما سبق يتضح أن الولي في النكاح في الشريعة الإسلامية ، ليس له منع المرأة من أن تختار لنفسها من ترضاه زوجاً لها ، إذا كان كفئاً ، وليس للولي إجبارها على من يرضاه هو ، ولا ترضاه هي.

 



 والإسلام في هذا الباب ، قد أعطى المرأة من الحقوق والتكريم ما لم تعطه امرأة من قبل في الديانات السماوية ، والنظم الاجتماعية ، ولن تعطى مثله أيضاً مستقبلاً

 






اضيف بواسطة :   admin       رتبته (   الادارة )
التقييم: 0 /5 ( 0 صوت )

تاريخ الاضافة: 26-11-2009

الزوار: 2044


المقالات المتشابهة
المقال السابقة
الرد على شبهة الحدود فى الإسلام
المقالات المتشابهة
المقال التالية
الرد علي شبهة قوامة الرجل
جديد قسم مـقـالات الموقـــع
القائمة الرئيسية
البحث
البحث في
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك