دخلت قضية زوجة قس مسيحي في مصر كانت أعلنت إسلامها سابقا منعطفا جديدا بإبلاغها قساوسة مسيحيين التقوا بها أخيرا تمسكها بالإسلام ورفضها العودة إلى ديانتها السابقة.
وبحسب مصادر مصرية فإن وفاء قسطنطين التي كان إسلامها قد أثار ضجة في مصر وأدى لتظاهرات غاضبة من قبل الأقباط، لا تزال في عهدة الشرطة المصرية في إحدى دور العبادة المسيحية في عين شمس ولم يتم تسليمها إلى الكاتدرائية بالعباسية.
وناشدت مواقع قبطية على الإنترنت رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون والحكومة الأمريكية التدخل في هذه القضية. كما طالب عدد من الأقباط المصريين غالبيتهم في الولايات المتحدة بحكم ذاتي للأقباط في مصر.
وقالت مصادر مصرية في تصريحات نقلتها جريدة "المصري" اليوم الاثنين 13-12-2004 أن عددا كبيرا من القساوسة والكهنة عقدوا معها جلستين من "جلسات الإرشاد" يومي الأربعاء والخميس الماضيين بحضور بعض القيادات الأمنية، لكنها رفضت العودة مع القساوسة أو أشقائها، وأصرت على رغبتها في اعتناق الإسلام، وقامت بقراءة بعض الآيات من القرآن الكريم في الجلسة الأخيرة أمام القساوسة، في تأكيد لتحولها للإسلام.
ومن المتوقع عقد جلسة "إرشاد" جديدة، مع السيدة قسطنطين من جانب عدد من كبار مسؤولي الكنيسة المصرية، في حضور أبنائها. وفور الانتهاء من عقد الجلسة الثالثة معها، وفي حالة إصرارها على تحولها إلى الإسلام، فإن القواعد تنص على أن تقوم بإشهار إسلامها رسميا بحضور ممثلين عن الأزهر الشريف والكنيسة القبطية.
وتزامن هذا مع بوادر ظهور حالة من الغضب الرسمي والشعبي المصري على سعي عدد من أقباط المهجر في أمريكا وكندا، عبر بيانات وصلت للصحف المصرية، الاستنجاد بأمريكا وإسرائيل لحمايتهم، وطلب وساطة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون مع الحكومة المصرية، فيما طالب برلمانيون باستبعاد السفير الأمريكي في القاهرة ديفيد وولش، ومطالبته بالرحيل عن البلاد، باعتباره شخصا غير مرغوب فيه، ردا على ما وصفه النواب بمحاولته افتعال أزمة جديدة لفتنة طائفية بين المسلمين والأقباط، في محاولة لاستغلال أحداث كاتدرائية العباسية الأخيرة في القاهرة.
وأبدت مصادر رسمية غضبها مما تنشره بعض مواقع أقباط المهجر على شبكة الإنترنت من تحريض على الفتنة الطائفية في مصر، ومزاعم عن قصص لأسلمة زوجات كهنة، ودعوة أطراف خارجية للتدخل، خاصة بيان لـ "الجمعية الوطنية القبطية"، التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، وصل لصحف محلية، يطالبون فيه شارون بحماية الأقباط، والتدخل لدى الحكومة المصرية لمنع ما يسمى "اضطهاد الأقباط"، حيث "كان الأقباط أيام أجدادهم الفراعنة يحتمون باليهود ووزيرهم آنذاك يوسف الصديق، واليوم جاء دوركم"، وفق نص البيان.
كما شنت صحف مستقلة حملة ضد هذا التحريض الخارجي على مصر، والذي وصل لإعلان منظمات قبطية، أنها أجرت اتصالات مع كبار المسؤولين الأمريكيين للتدخل فيما يجري لأقباط مصر، حيث قام المهندس مايكل منير رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، وفق موقع "أقباط أمريكا" على الإنترنت، بإرسال عدة خطابات إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش وأعضاء الكونجرس الأمريكي، يحثهم فيها على التدخل لدى الرئيس المصري حسني مبارك، لإيقاف "مثل هذه الأعمال الإرهابية من قوات الأمن المصرية". وقالت إنه سيتم عقد لجنة سماع في الكونجرس عن الأحداث القائمة في مصر قريباً.
من ناحية أخرى تقدم المحامي ماجد حنا، أمس الأحد بالتماس إلى مكتب المستشار ماهر عبد الواحد، النائب العام، طالب فيه بسرعة الإفراج عن الشبان الأقباط الـ34، المعتقلين على خلفية مظاهرات الكاتدرائية يوم الأربعاء الماضي، والمتهمين بإصابة 55 ضابطا وجنديا بجراح، بإلقاء الحجارة عليهم، بينما قامت مجموعة من أهالي المتهمين بتقديم شكوى لمجلس حقوق الإنسان المصري بعد لقائهم مع وكيل النائب العام.
كما نفى الكاهن سمعان شنودة بكنيسة أبوالمطامير ما تردد من شائعات بشأن انتحار كاهن كنيسة السيدة العذراء وزوج السيدة وفاء قسطنطين. وقال الكاهن إن الزوج ما زال على قيد الحياة، ويخضع للعلاج بأحد المستشفيات بالإسكندرية من إصابته ببعض مضاعفات مرض السكري.
ومعروف أن إصرار الزوجة على التحول للدين الإسلامي يؤدي في العرف الكنسي لفصل زوجها القس من سلك الكهنوتية. فقد أكد الأنبا باخوميوس أسقف محافظة البحيرة، شمال مصر، لجريدة "صوت الأمة" المصرية الأسبوعية، اليوم ، أن "الزوجة لوتركت دينها فلا بد أن يفصل زوجها من رتبة الكهنوتية"، فيما قال المحامي ممدوح نخلة لصحيفة "العربي" الناصرية "الزوجة (وفاء) ليست مسيحية عادية، وإنما زوجة كاهن، وأرجعوا الأمر لعدم ثقة "شعب الكنيسة" بهذا القس؛ لأنه لم يحافظ على بيته"، على حد قوله.
وكانت قيادات قبطية في المهجر قد دعت إلى منح الأقباط حكما ذاتيا، في محاولة تعد الأولى من نوعها لإضفاء طابع سياسي على مطالب الأقباط المسيحيين في مصر. وقالت "الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية" في بيان نشرته وكالة "يوبي" إنها بلورت استراتيجية جديدة، تهدف إلي المطالبة بحكم ذاتي للأقباط.
ودعت كافة الأقباط إلى دعمها. وجاء في البيان، الذي وقعه رئيسها المحامي موريس صادق، أن خطة الحكم الذاتي التي تقترحها تحتاج لمدة 4 سنوات، قبل إقرارها، يتم فيها منح حريات التجمع والنشر، وتدعو إلى إشراف دولي على الحكم الذاتي من قبل حلف الناتو.
إلا أن قيادات في الكنيسة المصرية تعارض هذه الخطط، حيث سخر "يوسف سيدهم"، رئيس تحرير جريدة "وطني" القبطي،في لقاء برواق مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، الأسبوع الماضي، من اقتراح مماثل لرئيس مجلس أمناء "مركز الكلمة لحقوق الإنسان المصري القبطي" ممدوح نخلة، يقترح فيه تحديد مناطق خاصة للمسيحيين وأخرى للمسلمين في مصر. كما نفى المزاعم بشأن إجبار الفتيات المسيحيات على اعتناق الإسلام، وأقر بأن بعض الفتيات يشهرن إسلامهن دون إكراه، معتبرا إن البيئة القبطية خصوصا في صعيد مصر (جنوب) قد لا تتقبل إسلام الفتيات بصورة سلمية، وتعتبره عاراً على أهلها.
ويقدر عدد أقباط في إحصاءات رسمية بـ 5.3 في المائة من عدد السكان البالغ 70 مليون نسمة، بيد أن مصادر قبطية تقول إن العدد أكثر من ذلك، وترفع النسبة المئوية إلى 10 في المائة، فيما تقول مصادر قبطية أخرى إن عدد الأقباط في مصر 10 ملايين نسمة.
المصدر:
http://www.alarabiya.net/Articles/2004/12/13/8676.htm