“الطلاق” في الكنيسة الأرثوذكسية المصرية في طريق مسدود
شهدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية انشقاقا كانت مشكلة الطلاق أحد أسبابه ذلك “أن الزواج في المسيحية يعني وحدة الكنيسة والمسيح، فما يوحده الرب لا يفرقه إنسان”، فلا يكون هناك طلاق إلا لعلة الزنا وهو أمر لا يتوفر في أغلب حالات الساعين إلى الطلاق.
وتمثل الانشقاق في قيام الأنبا ماكسيموس بتعيين نفسه رئيسا لمجمع مقدس وسعيه لتعيين أساقفة في أنحاء مصر.
ويقول خصومه إنه يسعى لشق الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي تنتمي إليها الغالبية العظمى من المسيحيين المصريين ولكنه يقول إن كنيسته محاولة لإعادة الكنيسة على النهج الذي وضعه الآباء المؤسسون.
وفي هذا الاطار يطرح السؤال نفسه ما هي أبعاد مشكلة الطلاق في الكنيسة الأرثوذكسية؟ وفي سعي بي بي سي العربية للإجابة عن هذا السؤال كانت هناك لقاءات مع مختلف أطراف المشكلة.
حالات
وتقول رضا فؤاد عبد الملاك، وهي في الأربعينيات من عمرها: “لقد تعبت تماما فمنذ سنوات وأنا أسعى وراء الطلاق دون جدوى وكلما حدثت قسيسا أرسلني إلى آخر ولم يساعدني أي منهم بل أخذوا يتهربون مني“.
وتابعت قائلة “لقد أكرهت على زواج لم أرده ولم أكن سعيدة أبدا في هذا الزواج لذلك أريد الطلاق ولكن لا تريد الكنيسة منحي إياه“.
وأكدت رضا أن الطلاق هو الحل “المناسب” بدلا من الاقدام على أي عمل آخر.
وأما مجدي صبحي الذي شارف على الخمسين، فيقول “لقد حصلت على طلاق من المحكمة منذ 12 عاما وأنا حزين على نفسي لأن حياتي ستنتهي وأنا وحيد لأن الزواج الأرثوذكسي لا يعطي سوى فرصة واحدة ولا تطليق فيه إلا لعلة الزنا“.
وتابع مجدي ” يستخدمون ما ورد في الانجيل أن ما يجمعه الرب لا يفرقه إنسان ، والرب لا يجمع إلا في الحب والخير ولكن إذا كان هناك طرف ليس لديه رحمة ولا إنسانية إذا لم يكن هناك توافق بل تنافر فالكيمياء مختلفة إنه حكم بالوحدة مدى الحياة إنه ثمن باهظ لسوء اختيار شريك الحياة“.”
وحول أبعاد هذه المشكلة يقول الأنبا ماكسيموس إن الصحفية كريمة كمال، وهي قبطية، طرحت إحصائية عام 2000 تقول إن أكثر من 160 ألف حالة طلاق بين الأقباط كانت أمام المحاكم“.
وتابع قائلا : “وقياسا على ذلك نكون حاليا في عام 2007 أمام أكثر من نصف مليون حالة“.
ويقول صبحي “أرى جحافل أمام المجلس الملي والرد الجاهز هناك هو ” ليس لدينا طلاق يا سيد”.
وتقول رضا فؤاد : “مصر مليئة بحالات مشابهة لحالتي وللاسف لا نجد أي قسيس يساعدنا“.
موقف الكنيسة
ولدى طرح معاناة هؤلاء وأبعاد المشكلة وإمكانية طرح حلول لها قال الأنبا إرميا سكرتير البابا شنودة الثالث، “الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تسير وفقا للكتاب المقدس وكلام السيد المسيح إن من طلق إمرأته لغير علة الزنا يزني ومن يتزوج بمطلقة يزني”.
وحذر أن من يلجأ لطريق آخر يخالف الكتاب المقدس ويخالف التعاليم ولن يكون مرتاحا في حياته أبدا.
ولكن الأنبا ماكسيموس طرح تسع حالات يمكن أن تتخذ الكنيسة فيها قرار الطلاق حيث قال “في الكنيسة القبطية كانت هناك لائحة 1938 التي صاغها المجلس الملي ورجع فيها إلى مرجع قانوني معروف هو المجمع الصفوي لابن العسال”.
وتابع قائلا “وهذا الكتاب أورد اسبابا بعينها يصرح فيها بأن تتخذ الكنيسة قرارها بالطلاق ومنها الهجر الطويل والجنون والمرض الخطير والايذاء البدني الجسيم وغيرها”.
وقد رد الأنبا إرميا على ذلك قائلا “هل تريدون مني مخالفة الكتاب المقدس وكلام ربنا”.
وكان البابا شنودة قد طرد الأب ماكسيموس من الكلية الإكليريكية (لتخريج رجال الدين الأقباط) في السبعينات نتيجة لكتاباته.
وبعد ذلك اتجه الأب ماكسيموس إلى الولايات المتحدة حيث عين أنبا (أسقفا) في إحدى الكنائس الأرثوذكسية هناك.
وبعد عودته إلى مصر، هاجم الأنبا ماكسيموس قيادة البابا شنودة للكنيسة.
الخروج عن الكنيسة
وإزاء هذا الطريق المسدود هل يسعى الذين يعانون من المشكلة إلى طلاق كنيستهم والخروج عنها؟
ويقول صبحي “المسيحيون يتشتتون وينقصون كل يوم” ويتساءل “لمصلحة من ذلك؟”.
أما رضا فؤاد فتقول “نعم فكرت في ترك الكنيسة فماذا بوسعي أن أفعل؟“.
ولكن الأنباء إرميا استنكر مجرد السؤال قائلا “ماذا تعني انشقاقات؟ لا توجد انشقاقات فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الوحيدة التي تمثل الأقباط في مصر”.
ومع الوصول إلى طريق مسدود مازالت رضا فؤاد تتساءل: “ماذا بوسعنا أن نفعل؟”
فجاءها الرد الذي يقطر مرارة وسخرية من جانب مجدي صبحي “الأفضل أن يطعمونا ضد الحياة لحل هذه المشكلة“.
يذكر أن بعض التقديرات تشير إلى أن عدد المسيحيين من الأقباط الأرثوذكس في مصر نحو سبعة ملايين، بينما تعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الأكبر والأقدم في البلاد
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_6527000/6527907.stm