دعوى البهاء أنه الإله:
ليس بدعاً أن يتبجح البهاء ويزعم للناس أنه الإله، وقد جهر بدعوى النبوة بالمعنى الذي أسسه غلاة الشيعة والباطنية في القديم والإحسائي والرشتي في الحديث بما يئول إلى حلول الإله عز وجل أو صفاته المقدسة في هياكل الأنبياء والرسل.
وقد صرّحت البهائية بمعتقدهم في البهاء والإلوهية على الوجه الآتي:
1- أنه تعالى مفتقر في ذاته وصفاته إلى أنبيائه ورسله الذين هم مشارق ذاته ومظاهر صفاته ومهابط وحيه.
يقول داعيتهم الأكبر أبو الفضل الجرفادقاني: " نحن معاشر الأمة البهائية نعتقد بأن مظاهر أمر الله ومهابط وحيه هم بالحقيقة مظاهر جميع أسمائه وصفاته، ومطالع شموس آياته وبيناته لا تظهر صفة من صفات الله تعالى في الرتبة الأولية إلا منهم، ولا يمكن إثبات نعت من النعوت الجلالية والجمالية إلا بهم، ولا يعقل إرجاع الضمائر والإشارات في نسبة الأفعال إلى الذات إلا إليهم، لأن الذات الإلهية والحقيقة الربانية غيب في ذاتها متعال عن الأوصاف بحقيقتها، فلا توصف بوصف ولا تسمى باسم(1)، ولا تشار بإشارة، ولا تتعين بإرجاع ضمير، لكونها منزع كل هذه المدارك الحية ، وهي فوق الإدراك؛ فكل ما توصف به ذات الله ويضاف ويسند إلى الله من العزة والعظمة والقدرة والقوة والعلم والحكمة وغيرها من الأوصاف والنعوت يرجع في الحقيقة إل مظاهر أمره ومطالع نوره ومهابط وحيه ومواقع ظهوره.. الخ"(2)
2- وأن الله تعالى ليس له وجود الآن ( أي مدة حياة البهاء) إلا بظهوره في مظهر البهاء.
3-وأنه- تعالى عن قولهم- كان يظهر قبلا بمظاهر تافهة في الديانات السابقة- أي في شخص سيدنا عيسى مثلا، وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام- لكنه بظهوره في البهاء الأبهى بلغ الكمال الأعلى.
يقول أبو الفضل الجرفادقاني: "اعلموا أضاء الله وجوهكم البهية بنوره الوضاح، وأيد كلمتكم العالية بآيات اليسر والنجاح أن هذه الأدلة والبراهين تثبت مظهر أمر الله في زماننا هذا أكثر وأوضح وأجلى عما كانت عليه حقية مظاهر أمر الله(أي الأنبياء) في الأزمنة السابقة. إذ هذه البراهين قائمة ومتوفرة في هذا الظهور الأعظم الأسنى والطلوع الأفخم الأبهى، ونعني به ظهور سيدنا (البهاء)جل اسمه وعز ذكره أكثر مما توفر في ظهور من سبقه من الأنبياء؛ بحيث لو أنكر أحد هذا الظهور الأعظم وأنكر أدلته وبراهين الواضحة الجلية لا يمكنه إثبات حقيقة دين من الأديان الماضية" (3)
ويقول البهاء مصرحاً بالإلوهية على هذا المنحى: "يا ملأ الإنشاء اسمعوا نداء مالك الأسماء إنه يناديكم من شطر سجنه (الأعظم) إنه لا إله إلا أنا المقتدر المتكبر المتسخر المتعال العلم الحكيم . . . الخ " (4)
4- بل أن الأنبياء السابقين لم تكن مهمتهم سوى التبشير بالبهاء وإعداد القلوب لاستقباله والتشرف بلقائه.
يقول الميرزا عباس (ابن البهاء والملقب: عبد البهاء): "وقد أخبرنا بهاء الله بأن مجيء رب الجنود والأب الأزلي ومخلص العالم الذي لابد منه في آخر الزمان، كما أنذر جميع الأنبياء عبارة عن تجليه في الهيكل البشري كما تجلى في هيكل عيسى الناصرية إلا أن تجليه في هذه المرة أتم وأكمل وأبهى فعيسى وغيره من الأنبياء هيئوا الأفئدة والقلوب استعداداً لهذا التجلي الأعظم"
هدم دعوى البهاء أنه الإله
من البيِّن أن تلك نزعة باطنية جهر بها من قبل غلاة الشيعة، حيث زعموا زوراًَ وبهتاناً حلول الإله في علي رضي الله عنه، وذلك بزعامة اليهودي الحانق على الإسلام وأهله: عبد الله بن سبأ المكني بابن السوداء مستهدفاً تضليل ضعاف الأحلام، والاستحواذ على من لا فِقه عنهم بأصول الدين وحقائقه وتعاليمه الحاسمة في تنزيهه سبحانه وتعالى ..
ومما سبق يتبين لنا أنهم يعتمدون في معتقد الإلوهية على: الحلول، وان الأنبياء مظهر من مظاهر الله، والرجعة.. وها هو تفنيد كل منها على حده:
الرد على الحلول:
سبحان الله تعالى أن يحل في الأماكن والجهات، والمؤكَّد قيامه بنفسه واستغناءه عن غيره، سواء أكان فاعلاً مخصصاً أم محلَّاً مقوماً يرشد إلى ذلك قوله سبحانه في كتابه الكريم:" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4}" الإخلاص
وقوله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" الشورى 11
ولو حلّ الله عز وجل في غيره لكان مماثلاً للأجرام الموصوفة بالحلول في الأمكنة، ولو كان مماثلاً لهذه الأجرام الموصوفة بالحلول في الأمكنة لكان محتاجاً مثلها، فلا يكون واجب الوجود محتاجاً إليه كل ما سواه مستغنياً عن كل ما عاداه.
ثم نقول: إذا جوّزتم الحلول على ذات الله تعالى وجَبَ أن تكونوا شاكِّين في أنه: هل حلّ في هذه البقّة؟ وفي هذه النملة؟ وفي هذه البعوضة؟
أقصى ما في الباب والبهاء أن يقال: أنه لم يظهر في هذه البقة حال عظيمة مهيبة، غلا أن نقول: هذه إشارة إلى أنه لم يوجد ما يدل على حصول هذا الحلول، ولا يلزم من عدم علمنا بحصول الدليل عدم المدلول؛ فثبت أن من جوَّز الحلول لزم أن يبقى شاكّاً في كل واحد من هذه الأجسام الخسيسة أنه تعالى هل صار حالاّ فيه أم لا؟ ولما كان ذلك باطلاً كان القول بالحلول باطلاً "(5)
الرد على أن الأنبياء مظاهر ذاته تعالى وصفاته وأسمائه:
الحقيقة أن " إنساناً ما لا يكون مظهرا حقيقياً لذات الله وصفاته، وإنما هو- ككل شيء- أثر من آثار القدرة والكمالات الإلهية، بمعنى أنه يدل عليها لا تتمثل فيه وفي صفاته، ولم يدَّعِ أحد من الأنبياء لنفسه ذلك، بل كانوا مثال العبودية الصرفة لله دون اتخاذ مقامه في الصفات أو الخطاب كما فعل البهاء"
ولا يدل شيء من القرآن على أن الله يتمثل في أحد من خلقه، ولو كان نبياً، وظاهر أن للأنبياء من الصفات البشرية ما لا يمكن أن تكون مظهراً للصفات الإلهية، وإذا كان الأنبياء قد أنكروا أن يكونوا ملائكة، وأنكروا أن يكون لهم من الصفات ما يعلو بهم عن نطاق البشرية، فكيف يدعي لهم أنهم مظاهر ذات الله وأسمائه وصفاته؟" (6)
تفنيد مبدأ الرجعة والرد عليه:
أما الرجعة فمردها إلى التناسخ في بعض صوره، وتناسخ النفوس في أجساد إنسانية وحيوانية دعوى لا يقوم عليها دليل عقلي ولا نقلي، ولا يشهد لها الواقع أولاً، وتخالف ما أجمعت عليه الأديان من عقيدة البعث والجزاء الأخروي ثانياً.
فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
1- يقول الأستاذ محب الدين الخطيب:وكلن الله هو الذي سمى نفسه بأسمائه الحسنى وصف نفسه بأوصافه العليا؛ فكيف تبلغ القحة البهائية أن يكذبوا الله فيما أخبر به عن نفسه؟! ( البهائية ص22)
2- يقول الأستاذ محب الدين خطيب:" ولكن الله هو الذي سمى نفسه بأسمائه الحسنى، ووصف نفسه بأوصافه العليا؛ فكيف تبلغ القحة بالبهائية أن يكذبوا الله فيما أخبر به عن نفسه؟! ( البهائية ص22)
3- الدرر البهية ص98
4- المفتاح ص419
5- المطالب العالية الكتاب الثاني- تحقيق أ.د. مصطفى عمران
6- تهافت البهائية البابية عن عقيدة ختم النبوة المحمدية للدكتور عثمان عيش